657
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

۴۳۴

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :إِنَّ للّهِ عِبَاداً يَخْتَصُّهُمُ اللّهُ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ ، فَيُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا ؛ فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ ، ثُمَّ حَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ .

الشّرْحُ:

قد ذكرْنا هذا المعنى فيما تقدّم ، وقد قالت الشعراءُ فيه فأَكثَروا .
وأشدّ تصريحا بالمعنى قول الشاعر :

لم يُعطِك اللّهُ ما أَعطاكَ من نِعمٍإلاّ لتُوسِع من يَرْجوكَ إحسانَا
فإنْ مَنَعت فأَخلِقْ أن تُصادِفهاتطير عنكَ زرافاتٍ ووِحْدانَا

۴۳۵

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :لاَ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثِقَ بِخَصْلَتَيْنِ : الْعَافِيَةِ وَالْغِنَى ، بَيْنَا تَرَاهُ مُعَافىً إِذْ سَقِمَ وَبَيْنَا تَرَاهُ غَنِيّاً إِذِ افْتَقَرَ .

الشّرْحُ:

قد تقدَّم القولُ في هذا المعنى .

وبينما المرءُ في الأحياءِ مُغْتَبِطٌإذ صارَ في اللّحْدِ تَسْفِيهِ الأعاصيرُ
آخر :

يَغُرُّ الفَتَى مَرُّ الليالي سَليمةًوهُنّ به عمّا قلِيلٍ عَواثِرُ


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
656

دُنْيَاهُ ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيَما بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللّهِ ، أَحْسَنَ اللّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاس .

الشّرْحُ:

لا ريبَ أنّ الأعمال الظاهرة تبَعٌ للأعمال الباطنة ، فمَن صلَح باطنُه صَلَح ظاهرُه وبالعكس ، وذلك لأنّ القلبَ أميرٌ مسلَّطٌ على الجوارح ، والرعيّة تَتْبَع أميرَها ولا ريبَ أنّ من عَمِل لدينهِ كفاهُ اللّه أمرَ دُنْياه ، وقد شَهِد بذلك الكتابُ العَزى زُ في قوله سبحانه : «ومَن يتّقِ اللّهَ يَجعلْ له مَخرَجا * ويَرْزُقْه من حيث لا يحتسِب» ۱ .
ولهذا أيضا عِلّة ظاهرة ؛ وذاك أنّ من عَمِل للّه سبحانه وللدّين فإنه لا يخفى حالُه في أكثر الأمر عن الناس ، ولا شبهة أنّ الناس إذا حَسُنتْ عقيدتُهم في إنسان وعَلِموا مَتانَة دينه بَوّبوا له إلى الدّنيا أبوابا لا يَحتاجُ أن يتكلّفها ، ولا يَتعَب فيها ، فيأتيه رزقُه من غيرِ كُلْفةٍ ولا كَدٍّ ؛ ولا ريبَ أنّ من أحسَن فيما بينَه وبين اللّه أحسَنَ اللّه ما بينَه وبين الناس ، وذلك لأنّ القلوبَ بالضّرورة تَميلُ إليه وتحبّه ، وذلك لأنّه إذا كان مُحسِنا بينَه وبين الناس عَفَّ عن أموالِ الناس ودِمائِهم وأعراضِهم ، وَترَك الدخولَ فيما لا يَعنِيه ، ولا شبهةَ أنّ من كان بهذه الصّفة فإنّه يحسن ما بَينَه وبين الناس .

۴۳۳

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :الْحِلْمُ غِطَاءٌ سَاتِرٌ ، وَالْعَقْلُ حُسَامٌ قَاطِعٌ ، فَاسْتُرْ خَلَلَ خُلُقِكَ بِحِلْمِكَ ، وَقَاتِلْ هَوَاكَ بِعَقْلِكَ .

الشّرْحُ:

لمّا جعل اللّه الحِلْم غِطاءً ، والعَقل حُساما ، أمرَه أن يَستُر خَلَل خُلُقه بذلك الغِطاء وأن يُقاتِل هَواهُ بذلك الحُسام ، وقد سبق القولُ في الحلم والعَقْل .

1.سورة الطلاق ۲ ، ۳ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5992
صفحه از 800
پرینت  ارسال به