الشّرْحُ:
لمّا كانت الدنيا ضدَّ الآخرة ، وجَب أن يكون أحكام هذه ضدّ أحكام هذه ، كالسّواد يجمَع البصَر والبيَاض يفرق البصر ، والحَرارة توجب الخفّة ، والبُرودة توجب الثّقل ، فإذا كان في الدّنيا أعمالٌ هي مرّة المَذاق على الإنسان قد ورد الشرعُ بإيجابِها فتلك الأفعال تَقتضِي وتوجِب لفاعلها ثوابا حُلْوَ المَذاق في الآخرة . وكذاك بالعكس ما كان من المشتَهيَات الدنياويّة الّتي قد نَهَى الشرعُ عنها ، تُوجب ـ وإن كانت حُلوة المذاق ـ مَرارة العقوبة في الآخرة .
۲۴۹
الأصْلُ:
۰.فَرَضَ اللّهُ الاْءِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ ، وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ ، وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لاِءِخْلاَص الْخَلْقِ ، وَالْحَجَّ تَقوِيَةً لِلدِّينِ ، وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلاْءِسْلاَمِ ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ ، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنْماةً لِلْعَدَدِ ، وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ ، وَتَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ ، وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجاباً لِلْعِفَّةِ ، وَتَرْكَ الزِّنَا تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ ، وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ ، وَالشَّهَادَاتِ اسْتِظْهَاراً عَلَى الُمجَاحَدَاتِ ، وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ ، وَالسَّلاَمَ أَمَاناً مِنَ المخَاوِفِ ، وَالْأَمَانَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِـلإمَامَةِ .
الشّرْحُ:
هذا الفصلُ يتضمّن بيانَ تعليل العبادات إيجابا وسَلْباً . قال عليه السلام : فَرَضَ اللّهُ الإيمانَ تَطْهيراً مِن الشِّرْك ، وذلك لأنَّ الشِّرْك نجَاسَة حُكْمِية لا عينيّة ، وأيّ شيء يكون أنجَس من الجَهْل أو