اجتماع العفّة والفِسْق ، وقلّما يكون الشّجاع مستحِيا والمستحي شُجاعا ؛ لتنافِي اجتماعِ الجُبْن والشجاعة .
فأمّا الخجل فحيْرة تَلحَق النّفس لفَرْط الحياء ، ويحمد في النّساء والصبيان ويُذَم بالاتفاق في الرّجال . فأمّا القِحَة فمذْمومة بكلّ لسان ، إذ هي انْسلاخٌ من الإنسانية ، وحقيقتُها لجاجُ النفس في تعاطي القبيح ، واشتقاقها من حافِرٍ وَقَاح أي صُلْب . وقال عليه السلام : «الحياءُ شُعْبة من الإيمان» . وقال : «الإيمان عُرْيان ، ولباسُه التقوى ، وزينته الحياء» .
۲۲۰
الأصْلُ:
۰.بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ ، وَبِالنَّصَفَةِ يَكْثُرُ الْمُوَاصِلُونَ ، وَبالاْءِفْضَالِ تَعْظُمُ الْأَقْدَارُ ، وَبِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ ، وَبِاحْتَِمالِ الْمُؤَنِ يَجِبُ السُّؤْدَدُ ، وَبِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِئُ ، وَبِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِيهِ تَكْثُرُ الْأَنْصَارُ عَليْهِ .
الشّرْحُ:
قال يحيى بن خالد : ما رأيت أحدا قطّ صامتا إلاّ هِبْتُه حتى يتكلّم ، فإمّا أن تزداد الهيْبة أو تنقُص . ولا رَيْب أن الإنصاف سببُ انعطاف القلوب إلى المنصف ، وأن الإفضال والجود يقتضي عِظَم القَدْر ؛ لأنّه إنعام ، والمُنعِم مشكور ، والتواضع طريقٌ إلى تمام النعمة ، ولا سؤدد إلاّ باحتمال المُؤَن . والسِّيرة العادلة سببٌ لقَهْر الملِك الذي يُسيِّر بها أعداءَه ، ومَنْ حَلُم عن سَفيهٍ وهو قادرٌ على الانتقام منه نَصَره الناس كلُّهم عليه ، واتّفقوا كلُّهم على ذَمّ ذلك السفيه وتقبيح فِعْلِهِ ؛ والاستِقْراءُ واختبارُ العادات تَشهَد بجميع ذلك .