سالَمْت» ، ونحو ذلك من قوله : «اللّهمّ عادِ من عادَاه ، ووالِ مَن وَالاه» ، وقوله : «حربُك حَرْبي وسِلْمُك سِلْمي» ، وقوله : «أنت مع الحقّ والحقّ معك» ، وقوله : «هذا منّي وأنا منه» ، وقوله : «هذا أخِي» ، وقوله : «يحبُّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّهُ ورسولُه» ، وقولُه : «اللّهمّ ائتِني بأحبّ خَلقِك إليك» ، وقوله : «إنّه وليّ كلّ مؤمن [ ومؤمنة ]بعدي » ، وقوله : في كلام قاله « خاصِف النّعل» ، وقوله : «لا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يَبغَضه إلاّ مُنافِق» ، وقوله : «إنّ الجنّة لتشتاق إلى أربعة» ، وجعله أوّلَهم ؛ وقوله لعمّار : «تقتُلك الفِئة الباغية» ؛ وقوله : «ستقاتل الناكثِين والقاسِطين والمارِقين بعدِي» ، إلى غير ذلك ممّا يَطولُ تَعدادُه جدّا ، ويحتاج إلى كتابٍ مفرد يُوضَع له ؟ أفما كان ينبغي لمعاويةَ أن يفكّر في هذا ويتأمّله ، ويَخشَى اللّهَ ويتّقيه؟! فلعلّه عليه السلام إلى هذا أشار بقوله : « وجُحودا لما هو ألزَم لك من لَحمِك ودَمِك ممّا قد وَعاه سَمْعُك ، ومُلئَ به صَدْرُك» .
قولُه : «فَمَاذَا بَعْدَ الحَقّ إلاَّ الضّلال» ۱ كلمةٌ من الكلام الإلهيّ المقدّس . قال : « وبعد البَيان إلاّ اللّبس» ، يقال : لَبّست عليه الأمرَ لَبْسا ، أي خَلطتُه ، والمضارع يَلبِس بالكسر . «فاحذَر الشبهة واشتمالها» على اللُّبْسة بالضمّ ، يقال في الأمر لُبْسة أي اشتباه ، وليس بواضح ؛ ويجوز أن يكون «اشتمال» مصدرا مُضافا إلى معاوية ، أي احذَر الشّبهة واحذر اشتمالَك إيّاها على اللّبسة ، أي ادّراعَك بها ، وتقمُّصَك بها على ما فيها من الإبهام والاشتِباه ؛ ويجوز أن يكون مصدرا مضافا إلى ضمير الشّبهة فقط ، أي احذر الشّبهة واحتواءَها على اللّبسة الّتي فيها .وتقول : أغدَفَت المرأةُ قِناعَها ، أي أرسلتْه على وجهها ، وأغدَف الليلُ أي أرخَى سُدولَه ، وأصلُ الكلمة التّغطِيَة . والجلابيب : جمع جِلْباب ، وهو الثّوب . «وأعْشَت الأبصارَ ظُلْمتَها» ، أي اكتسبَتْها العَشا ، وهو ظُلْمة العَيْن . ورُوِي : « وأغْشَت» بالغين المعجمة « ظُلمتَها» بالنّصب، أي جعلت الفتنة ظُلمتها غِشاء للأبصار. والأفَانِين: الأساليب المختلِفة.قوله : «ضعفت قُواها عن السّلم» ، أي عن الإسلام ، أي لا تَصدُر تِلكَ الأفانينُ المختلِطة عن مُسلِم ، وكان كَتَب إليه يطلب منه أن يُفرده بالشام ، وأن يوليه العهد من بعده ، وألا يكلّفه الحضور عنده . وقرأ أبو عمرو : «ادخُلُوا فِي السِّلم كَافَّةً» ۲ ؛ وقال : ليس المعنيّ بهذا الصّلح ، بل الإسلام والإيمان لا غير ، ومعنى «ضَعُفتْ قُواها» ، أي ليس لتلك الطّلبات