تنكصوا عن دعوة ، أي لا تقاعسُوا عن الجهاد إذا دعوتُكم إليه ، ولا تفرّطوا في صلاح ، أي إذا أمكنتْكم فرصة ، أو رأيتم مصلحة في حرب العدوّ أو حماية الثّغر ، فلا تفرّطوا فيها فتفوت . وأن تخوضوا الغمراتِ إلى الحقّ ، أي تكابدوا المشاقّ العظيمة ؛ ولا يهولنّكم خوضُها إلى الحقّ .
ثم توعّدهم إن لم يفعلوا ذلك ، ثم قال : فخذوا هذا من أمرائكم ؛ ليس يعني به أنّ على هؤلاء أصحاب المسالح أمراء من قِبَله عليه السلام كالواسطة بينهم وبينه ، بل من أمرائكم ؛ يعني منّي وممّن يقوم في الخلافة مقامي بعدي ؛ لأنّه لو كان الغرض هو الأوّل لما كان محلهم عنده أن يقول : «ألاّ أحتجز دونكم بسرِّ ولا أطوى دونكم أمراً» ؛ لأنّ محلّ من كان بتلك الصفة دون هذا .
۵۱
الأصْلُ:
۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى عماله على الخراجمِنْ عَبْدِ اللّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْخَرَاجِ .
أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ سَائِرٌ إِلَيْهِ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا يُحْرِزُهَا . وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ يَسِيرٌ ، وَأَنَّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيَما نَهَى اللّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ ، لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَالاَ عُذْرَ فِي تَرْكِ طَلَبِهِ ، فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، وَاصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ ، فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ ، وَوُكَلاَءُ الْأُمَّةِ ، وَسُفَرَاءُ الأَئِمَّةِ ، وَلاَ تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ ، وَلاَ تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ ، وَلاَ تَبِيعُنَّ لِلنَّاس فِي الْخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَلاَ صَيْفٍ ، وَلاَ دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا ، وَلاَ عَبْداً ، وَلاَ تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَكَانِ دِرْهَـمٍ ، وَلاَ تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاس ، مُصَلٍّ وَلاَ مُعَاهَدٍ ، إِلاَّ أَنْ