137
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

الشّرْحُ:

يقول : بهم يحيا العلم ويموت الجهل ؛ فسمّـاهم حياة ذاك ، وموت هذا ، نظراً إلى السببيّة ؛ يدلّكم حلمهم وصفحهم عن الذنوب على علمهم وفضائلهم ، ويدلّكُمْ ما ظهر منهم من الأفعال الحسنة على ما بطن من إخلاصهم ، ويدلّكم صمتهم وسكوتُهم عَمّا لا يعنيهم ، عن حكمة منطقهم .
ويروى : «ويدلّكم صمتُهم على منطقهم» ؛ وليس في هذه الرواية لفظة « حكم» . لا يخالفون الحقّ : لا يعدلون عنه ، ولا يختلفون فيه كما يختلف غيرهم من الفرق وأرباب المذاهب ؛ فمنهم من له في المسألة قولان وأكثر ، ومنهم من يقول قولاً ثم يرجع عنه ، ومنهم من يرى في أُصول الدين رأياً ثم ينفيه ويتركه .
ودعائم الإسلام : أركانه . والولائج : جمع وَلِيجة ، وهي الموضع يدخل إليه ويستَتر فيه ، ويعتصم به . وعاد الحق إلى نصابه : رجع إلى مستقرّه وموضعه . وانزاح الباطل : زال . وانقطع لسانه : انقطعت حجّته . عقلوا الدين عقل رعاية ، أي عرفوا الدين وعلموه معرفة مَن وعى الشيء وفهمه وأتقنه . ووعاية ، أي وعوا الدين وحفظوه وحاطوه ، ليس كما يعقله غيرهم عن سماع وروايةٍ ، فإن من يروي العلم ويسنده إلى الرجال ويأخذه من أفواه الناس كثير ، ومن يحفظ العلم حفظ فهم وإدْرَاكٍ ، أصالَةً لا تقليدا قليل .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
136

وأصل ذلك الصخرة الملساء ، لا يؤثّر فيها السهام ولا يرميها الرامي ، إلاّ بعد أن نَبَلَ غيرها ، يقول : قد بلغت غاراتُ أهل الشام حدودَ الكوفة التي هي دار الملك وسرير الخلافة ، وذلك لا يكون إلاّ بعد الإثخان في غيرها من الأطراف .
أبو موسى الأشعري ، هو عبد اللّه بن قيس الأشعري ، قدم إلى المدينة مع جماعة الأشعرين يوم فتح خيبر . ولاّه عمر البصرة ، ثمّ ولاه عثمان الكوفة ، ثمّ عزله الإمام عليه السلام عنها ، فلم يزل واجدا عليه لذلك . وروي أن عمارا سئل عن أبي موسى ، فقال : لقد سمعتُ فيه من حُذَيفة قولاً عظيما ، سمعته يقول : صاحب البُرْنس الأسود ، ثم كلَح كُلُوحا علمت منه أنّه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط .
وروي عن سويد بن غفلة : قال : كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان ، فروى لي خبرا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، قال : سمعته يقول : «إن بني إسرائيل اختلفوا ؛ فلم يزل الاختلاف بينهم ، حتى بعثوا حَكمين يَضلاّن ويُضلاّن من تبعهما» ، فقلت له : احذر يا أبا موسى أن تكون أحدَهما .

۲۴۳

الأصْلُ:

۰.ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليهم السلامهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ ، وَمَوْتُ الْجَهْلِ . يُخْبِرُكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ حِكَمِ مَنْطِقِهِمْ . لاَ يُخَالِفُونَ الْحَقَّ ، وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ . وَهُمْ دَعَائِمُ الاْءِسْلاَمِ ، وَوَلاَئِجُ الاِْعْتِصَامِ . بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ ، وَانْزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ مُقَامِهِ ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ . عَقَلُوا الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَةٍ وَرِعَايَةٍ ، لاَ عَقْلَ سَمَاعٍ وَرِوَايَةٍ ؛ فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6006
صفحه از 800
پرینت  ارسال به