ثانيا : النصّ والتشريع وآلياتهما
هناك ارتباط وثيق بين النصّ والتشريع بحيث لا يمكن التفريق بينهما ، وهكذا بدأت مسيرة التشريع مع النصّ إذ كان هو بمثابة الواقع ، ولهذا توجّه المسلمين منذ الأيّام الاُولى للتشريع لفهم الواقع من خلال إدراك آليات النصّ ، ولهذا أخذت الأسئلة تتاكثر حول تفسير الرأي وما هو مقدار شرعيته ومعطياته، وليس هذا إلاّ إرادة معرفة مناهج النصّ الشرعي ؛ لأنّ النصّ أخذ يتطوّر ويمثّل موقعية متقدّمة في صعيد الرسالة الشرعية ، مع الأخذ بعين الاعتبار قداسة النصّ الدّيني والخوف عليه من
الانحرافات والتزويرات ، وإزداد الأمر خطورة في الاعتقادات الدّينية ، لأنّ العقيدة الدّينية استمدّت شرعيتها وفهمها وإدراكها من خلال وعي النصّ وإدراكه.
وكان الشريف المرتضى قدس سره كثير الأهمية لفهم آليات النصّ الدّيني وما تتركه من تأثيرات على النصّ ودرجة فهمه ووعيه ، فلذلك نرى إزدهاره في حقول المعرفة الإسلامية وبالتالي وضع منهجية مبرمجة سارية في جميع حقول المعرفة ، فكان له حضور في جميع الانتاجات المعرفية الإسلامية الّذي كونه من العقل والجهد والمثابرة العلمية عبر هذه السنوات الطوال.
فلو تفحصنا التراث العلمي للشريف المرتضى قدس سره لرأينا أنّ آليات النصّ ومناهجه كان المحور فيها ، وكذلك الإبداعات على كافة الأصعدة المعرفية رأينا النصوص الشرعية والاُسس العقلية عاملين أساسيين فيهما.
وقد درسنا مناهج الرواية ، وذلك لمعرفة النصّ الشرعي الّذي هو المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم بجميع أقسامه ، بحيث يصبح صالحا لاستمداد الأحكام الشرعية منه ـ على مباني الشريف المرتضى قدس سره ـ .