عقب الشريف المرتضى قدس سره
قال ابن مهنا في عمدة الطالب ۱ : أعقب المرتضى من ابنه أبي جعفر محمّد بن علي المرتضى ، [ و ] من ولده ، أبو القاسم علي بن الحسن الرضي بن محمّد بن علي بن أبي جعفر [ يعني محمّدا ] بن علي المرتضى، النسّابة صاحب كتاب ديوان النسبوغيره، أطلق قلمه ووضع لسانه حيث شاء، كما طعن في آل أبي زيد العبيدليين نقباء الموصل، وهو شيء تفرّد به ولم يذكره أحد سواه من النسّابين ، وحدّثني الشيخ النقيب تاج الدّين بن معية الحسيني، قال: قال لي الشيخ عَلم الدّين المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخّار الموسوي: إنّه انفرد بالطعن في نيف وسبعين بيتا من بيوت العلويين لم يوافقه على ذلك أحد ، ثمّ قال لي النقيب تاج الدّين : لا شكّ أنّه تفرّد بالطعن في بيوت العلويين ، فأمّا هذا المقدار، فإنّه يكتب في مشجرته الّتي سمّاها ديوان النسب من سمع به ولم يتحقّقه بعد إلاّ أنّه تحقّق فيه شيئا ، (ولا يخفى)
أنّ هذا اعتذار من النقيب عنه ، واللّه أعلم.
وكان للنسّابة ابن اسمه أحمد درج ، وانقرض علي بن الحسن الرضي النسّابة ۲ ، وانقرض بانقراضه الشريف المرتضى علم الهدى بن أبي أحمد الموسوي .
وكتب الاُستاذ الدكتور حسين محفوظ في ذيل ما كتبه في فهرست كتب السيّد المرتضى رحمه الله : إنّ للسيّد بنتا، وكانت فاضلة جليلة ، تروي عن عمّها السيّد الرضيكتاب نهج البلاغة، ويروي عنها الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاُخوة ـ على ما أورده القطب الراوندي في آخر شرحه على نهج البلاغة.
وذكر الدكتور عبد الرزاق محيي الدين ۳ : إنّ للمرتضى بنتين غير هذه ، وقد توفيتا في حياته، ولأخيه الرضي مرثيتان وهما مذكورتان في ديوانه ، مطلع الاُولى :
لا لوم للدهر ولا عتاباتغاب أنّ الجلد من تغابى
والثانية:
فلا تحسبن رزء الصغائر هيّنافإن وجى الأخفاف ينضي الغواربا
قال الدكتور عبدالرزاق محيي الدّين أيضا ۴ : أنجب المرتضى ولدا كنّاه : «أبا محمّد » ، وكان حريصا على تربيته ، ولكنّه فيما ظهر لي لم يكن على شيء من العلم ؛ لأنّه لم يُذكر في تراجم أعلام الإمامية، وقد ذكره ابن خلكان بين المتوفّين في حوادث (۴۴۳ ه) وأسماه أبا عبداللّه الحسين، تزوّج أبو محمّد هذا في حياة أبيه فأعقب ولدا ، وظلّ عقب المرتضى يطرد من ابنه هذا حتّى وصل إلى أبي القاسم النسّابة صاحب كتاب ديوان النسب .
قال صاحب عمدة الطالب: والعقب للمرتضى من ابنه أبي محمّد ... .
أقول : راجعنا كتب الأنساب ، ومنها الّتي أشار إليها مؤلّف الكتاب ، وهو كتاب عمدة الطالب ، فلم نجد للمرتضى ولدا بهذه الكنية ، وإنّما الّذي ذكر صاحب كتاب العمدة هو أبو جعفر محمّد ، وهذا نصّ قوله : « وأعقب المرتضى من ابنه أبي جعفر محمّد [الّذي ]من ولده أبو القاسم النسّابة ، [وهو] علي بن الحسين الرضي بن محمّد بن علي بن أبي جعفر محمّد بن علي المرتضى.
وأغلب الظن أنّ الكنية الّتي ذكرها الدكتور عبد الرزاق لولده جاءته ممّا ورد في الديوان من قوله: وقال يرثي والدة الشريف : «أبي محمّد فتاه» ، وكما لمح إلى ذلك الدكتور عبد الرزاق في كتابه بقوله : ورثاؤه المتعدد لزوجته اُم فتاه «أبي محمّد» . . . إلخ .
وأنت ترى أنّ «الفتى» إذا اُضيفت لا تطلق على الابن الصلبي مطلقا ، فلا يقال لابن فلان أو ولده فتاه، بل يقال : ابنه أو ولده، قد جاء ذلك بصريح القرآن وفقه اللغة .
فلا يمكننا والحالة هذه أن نستنتج من قوله في الديوان: يرثي والدة الشريف أبي محمّد فتاه، لا أنّها زوجته هي المرثية ، ولا أنّ أبا محمّد هو ابنها ، ولعلّ لفظة «فتاه» جاءت مصفحة عن «فتاة» منصوبة على الحالية لا البدلية ، فكأنّه يريد أن يقول : وقد ماتت فتاة لم تبلغ من العمر أشدها . ولذا يرجّح لدينا هذا الرأي قول المرتضى نفسه في القصيدة المشار إليها الّتي يرثي بها والدة الشريف أبي محمّد:
بلغت أشدي لا بلغت وجزتهوعاجلتها من أن تجوز أشدها ۵
فهل ترى أكثر من هذا ما يدعو إلى الارتياب وعدم معرفة الصواب؟
فنحن وإن كنّا لا نمنع ـ عقلاً ـ أن يكون لشخص واحد عدّة أسماء وكنى وألقاب ، ولكن لا نجوز ذلك بالنسبة لابن المرتضى المعروف بكنيته واسمه في عمدة الطالب ،
وهو أبو جعفر محمّد، وما عدا ذلك مجرد احتمالات ضعيفة واستنتاجات مبهمة ليست من التحقيق أو الحقيقة في شيء.
أمّا قوله: ۶ «وأنجب (يعني المرتضى) من البنات زينب وخديجة» مسندا ذلك إلى روضات الجنات، فقول في غاية الغرابة ، إذ اللاتي ذكرهنّ صاحب الروضات هنّ أخوات المرتضى لا بناته ألاّ تفقه قوله: « فولد أبو أحمد (يعني والد الشريفين) زينب وعليا (يعني المرتضى) ومحمّدا (يعني الرضي) وخديجة، وأربعة أولاد، فأمّا علي ، فهو الشريف الأجل . . . » . ۷
1. عمدة الطالب : ص ۱۹۵ ـ ۱۹۶ .
2. في المصدر (علي المرتضى النسّابة) وهو من خطأ الناسخين وغفلة المصححين.
3. أدب المرتضى : ص ۷۹.
4. أدب المرتضى : ص ۷۸ .
5. راجع القسم الأوّل من الديوان : ص ۲۴۹ .
6. أدب المرتضى : ص ۷۹.
7. روضات الجنات : ص ۳۸۶.