البحوث السندية في التراث العقائدي
من الأدلّة الاعتقادية الأدلّة الروائية والأخبار السمعية ، وهي لابدّ من البحث حول سنداها وطرقها ، ولا يفوت الشريف المرتضى قدس سره أن يبحث هذه الأخبار برقة ، وله نظريات رجالية جميلة تنم عن إحاطته في هذا الباب ، وسوف نستعرض قسم منها ، وقد استعرضنا في كلّ فصل قسم من هذه التحقيقات الرجالية ، وهنا نذكر البعض الآخر ، وهي:
منها : الأخبار الّتي استشهد بها على إمامة أبي بكر كقول النبيّ صلى الله عليه و آله لأبي بكر: «اتركو إلي أخي... » ، أو قوله صلى الله عليه و آله : «لو كنت متخذاً خليلاً... »، أو قوله صلى الله عليه و آله : «اقتدوا باللذينِ...». ۱
يقول الشريف المرتضى قدس سره : « إنّ الإضراب عن ذكرها وترك تعاطي الانتصاف من المستدلّين بخبر الغدير لها استر على موردها».
ولكنه مع ذلك كلّه يتعرّض إلى سنداتها ومقدار صحّتها ، فيقول: « إنّهم طعنوا في
رواية الخبر ، بأنّ راويه عبدالملك بن عمير ، وهو من شيع بني اُمية ، وممّن تولّى القضاء لهم ، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت أيضا ظنيناً في نفسه وأمانته.
وروي إنّه كان يمرّ على أصحاب الحسين بن علي عليهماالسلام وهم جرحى فيجهز عليهم ، فلمّا عوتب على ذلك قال: إنّما اُريد أن اُريحهم». ۲
ومنها : ما ينقله القاضي عبدالجبّار عن شيخه أبي علي بأنّ هناك أخبارا اُخر يمكن أن يستدلّ بها على إثبات خلافة أبي بكر ، وهي ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله إنّه قال في أبي بكر وعمر: «هذان سيّدا كهول أهل الجنّة».
ولا يفوت أبو علي أن يقيد ذلك بأنّهما سيّدا من يدخل الجنّة من شباب الدنيا. ۳
ويردّه الشريف المرتضى قدس سره ، قائلاً :
۱ . إنّ هذا الخبر موضوع في أيّام بني اُمية ؛ لأجل أن يعارض الخبر الآخر الوارد في الحسنين عليهماالسلام: «إنّهما سيدا شباب أهل الجنة» . ۴
ويتّضح من خلال هذا الرد الجزئي أنّ زمان بني اُمية هو زمن معارضة فضائل أهل البيت عليهم السلام ، وهذا ليس بغريب ؛فإنّ معاوية ـ لعنه اللّه تعالى ـ وضع من الأحاديث قبال فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ما لا يخفى على من سبر التاريخ والأخبار.
۲ . ويخدش الشريف المرتضى قدس سره بإسناد هذا الخبر ؛ فإنّ راويه عبيداللّه بن عمر ، وحاله ومواقفه معروفة في أهل البيت عليهم السلام . ۵
1. الشافي في الإمامة : ج ۲ ص ۳۰۶ ـ ۳۰۷ ، المغني في أبواب التوحيد والعدل ( القسم الأوّل ) : ج ۲۰ ص ۱۵۱ .
2. الشافي في الإمامة : ج ۲ ص ۳۰۷ ـ ۳۰۸.
3. المصدر السابق : ص ۹۳.
4. المصدر السابق : ص ۱۰۶.
5. المصدر السابق.