247
المناهج الروائية عند شريف المرتضي

الدلالة العقلية التنزيهية

الأدلّة العقلية في المنطق التنزيهي تحتل الجانب الأساسي في فكر الشريف المرتضى قدس سرهوقد أكّد عليها في عدّة مواضع:

الموضع الأوّل

في الشبهة الّتي عرضت في حياة نبي اللّه آدم عليه السلام ، وهي إيحاء إبليس لحواء عليهاالسلامبتسمية ولدها عبدالحارث، وذلك أنّه قد ورد في قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَ حِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّـلـهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِى فَلَمَّآ أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَـلـءِنْ ءَاتَيْتَنَا صَــلِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّـكِرِينَ * فَلَمَّآ ءَاتَـلـهُمَا صَــلِحًا جَعَلاَ لَهُو شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَـلـهُمَا فَتَعَــلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» . ۱
واستوثق هذا الإشكال في حياة نبي اللّه آدم عليه السلام لما روي في الحديث : إنّ إبليس لعنه اللّه تعالى لمّا إن حملت حواء عليهاالسلام عرض لها ، وكانت ممّن لايعيش لها ولد ، فقال لها: إن أحببت أن يعيش ولدك فسمّيه عبدالحارث ، وكان إبليس قد يسمّى
بالحارث ، فلما ولدت سمّت ولدها بهذه التسمية ؛ فلهذا قال تعالى: «جَعَلاَ لَهُو شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَـلـهُمَا» .
وتتضح منهجية الشريف المرتضى قدس سره في هذه الرواية بشكل جلي، حيث يورد على هذا الخبر عدّة ملاحظات مهمّة منها:
إنّ الدلالة العقلية دلّت على أنّ الأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم الكفر والشرك والمعاصي غير المحتملة ولا يصحّ دخول المجاز فيها. ۲
وهذا أصل دقيق بنى الشريف المرتضى قدس سره عليه كثير من الاُمور ، حيث إنّه لو كان يصحّ فيه الاحتمال وضروب المجاز فلابدَّ من بناء المحتمل على مالا يحتمل ، فلو لم نعلم تأويل هذه الآية على سبيل التفصيل لكنّا نعلم في الجملة أن تأويلها مطابق لدلالة العقل.
وعلى هذا الأساس فما يدعى في هذا الباب من الحديث يعتقد الشريف المرتضى قدس سره: إنّه لا يلتفت إليه ؛ لأنّ الأخبار يجب أن تبنى على أدلّة العقول ، ولا تقبل في خلاف ما تقضيه أدلّة العقول ؛ ولهذا لا تقبل أخبار الجبر والتشبيه ، بل نردها أو نتأولها إن كان لها مخرج سهل. ۳
وهذا أصل يتبع في قياس صحّة الأخبار . نعم ، يؤكّد الشريف المرتضى قدس سره أنّ هذا لولم يكن الخبر الوارد مطعونا على سنده مقدوحاً في طريقة. ۴

1.راجع : القسم الحادي عشر .

2. الأعراف : ۱۸۹ ـ ۱۹۰.

3. تنزيه الأنبياء والأئمّة عليهم السلام : ص ۴۹ .

4. المصدر السابق : ص ۵۳.

5. المصدر السابق .


المناهج الروائية عند شريف المرتضي
246
  • نام منبع :
    المناهج الروائية عند شريف المرتضي
    سایر پدیدآورندگان :
    وسام الخطاوی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3359
صفحه از 358
پرینت  ارسال به