تخصيص العموم بأقوال الصحابة
من المتسالم عليه أنّ كلّ ما هو حجّة في نفسه يصحّ تخصيص العموم به ، ومن هذا الباب أقوال الصحابة فقد ادعى الشريف المرتضى قدس سره أنّ ذلك لا خلاف فيه .
ولكن رأي الجمهور كما هو مختار الشافعي وغيره عدم جواز التخصيص ، بناءً على عدم حجّية قولهم . نعم ، ذهب بعض إلى جواز التخصيص. ۱
والظاهر أنّ قولهم: « أقوال الصحابة» المراد منه المجموع لا كلّ فرد فرد منهم ؛ لأنّهم ذكروا أنّ ذلك يرجع إلى وجه الإجماع ، أمّا أنّ الصحابة اجتمعت على مسألة كذا فيدخل هذا في قسم الإجماع ، ومن هذا الباب يصبح قولهم حجّة ، ومن المعلوم أنّ الإجماع يخصّ به العموم ، وهذا ممّا لا إشكال فيه .
إنّما الإشكال في انفراد أحد الصحابة بقول أو رأي هل يخصّ به العموم؟
الظاهر أنّ ذلك لا يصحّ ، ولكن الشريف المرتضى قدس سره يجعل بعض أقوال الصحابة حجّة ويخصّ به العموم ، ويذكر أنّه هو الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .
يقول الشريف المرتضى قدس سره بهذا الصدد: « اعلم أنّه لا خلاف في أنّ كلّ ما هو حجّة في نفسه يصحّ تخصيص العموم به ، وإجماع الصحابة حجّة فيجب التخصيص به ». وهذا المقطع يحمل في طياته صورة منطقية واضحة للدليل .
ثمّ يقول قدس سره :
« ونحن وإن كنّا نخالفهم في تعليل كون ذلك حجّة أو في دليله فالحكم لا خلاف فيه بيننا ».
ويعرج على توضيح مصداق لذلك قائلاً : « وإنّما نحن فنذهب إلى أنّ في الصحابة من قوله بانفراده حجّة ، وهو أمير المؤمنين عليه السلام ؛ لقيام الدليل على عصمته ، وقد دللنا على ذلك في كتب الإمامة ، وليس هذا موضع ذكره ، فقوله عليه السلام منفردا يخصّ به العموم». ۲
ولكن من الواضح أنّ حجّية قوله عليه السلام من باب الاعتقاد بعصمته لا لأجل شيء آخر.