النقطة الثانية
يلفت الشريف المرتضى قدس سره إلى أنّ هناك تهافتا داخليا في أحد الأخبار ، وهو ما روي عن الحسن البصري في الحديث: إنّ إبليس لعنه اللّه تعالى لما أن حملت حواء عرضها ـ وكانت ممّن لا يعيش لها ولد ـ فقال لها: إن أحببت أن يعيش ولدك فسمّيه عبدالحارث ، وكان إبليس قد يسمّى بالحارث ، فلمّا ولدت سمّت ولدها بهذه التسمية ؛ فلهذا قال اللّه تعالى: «جَعَلاَ لَهُو شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَـلـهُمَا» ۱ . ۲
وقد صرّح الشريف المرتضى قدس سره: بأنّ هذا الخبر لايصحّ بتاتا ؛ فإنّ المنظومة المعرفية الموروثة عن الحسن البصري غير ذلك ؛ لأنّ الحسن نفسه يقول بخلاف
هذه الرواية ، كما رواه خلف بن سالم ، عن إسحاق بن يوسف ، عن عروة [عوف ـ خ ل] ، عن الحسن في قوله تعالى: «فَلَمَّآ ءَاتَـلـهُمَا صَــلِحًا جَعَلاَ لَهُو شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَـلـهُمَا» قال: هم المشركون.
وبإزاء هذا الحديث ما روي عن سعيد بن جبير وعكرمة والحسن وغيرهم من أنّ : الشرك غير منسوب إلى آدم وزوجته عليهماالسلام ، وأنّ المراد به غيرهما. ۳
من هنا نرى المنهجية الّتي يتبعها الشريف المرتضى قدس سره في ردّه هذا الخبر ، فإنّه درس أحاديث الحسن بمجموعها ورأى التناقض الداخلي في هذا الموروث العقائدي ، وهي دقّة تحقيقية ناجحة ومثمرة في مواضع عديدة.