الفصل السّابع: سيرَتُهُم فِي العَطاء وَالصِّلَةِ
۶۸۸.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنّا لَنُعطي غَيرَ المُستَحِقِّ حَذَرًا مِن رَدِّ المُستَحِقِّ ۱ .
۶۸۹. مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ : كانَ أبي يَدعو قَنبَرًا بِاللَّيلِ فَيَحمِلُ دَقيقًا وتَمرًا فَيَمضي بِهِ إلى أبياتٍ قَد عَرَفَها فَيَصِلُهُم ولا يَطَّلِعُ عَلَيهِ أحَدٌ ، فَقُلتُ لَهُ : يا أبَه ، مايَمنَعُكَ أن تَدفَعَهُ إلَيهِم نَهارًا ؟ قالَ : يا بُنَيَّ ، إنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ عَزَّوجَلَّ ۲ .
۶۹۰.الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ عليهماالسلامقاسَمَ رَبَّهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ ، نَعلاً ونَعلاً، وثَوبًا وثَوبًا ، ودينارًا ودينارًا ۳ .
۶۹۱.الحَسَنُ البَصرِيُّ :كانَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ سَيِّدًا زاهِدًا وَرِعًا صالِحًا ناصِحًا حَسَنَ الخُلُقِ ، فَذَهَبَ ذاتَ يَومٍ مَعَ أصحابِهِ إلى بُستانِهِ ، وكانَ في ذلِكَ البُستانِ غُلامٌ لَهُ اسمُهُ صافي ، فَلَمّا قَرُبَ مِنَ البُستانِ رَأَى الغُلامَ قاعِدًا يَأكُلُ خُبزًا ، فَنَظَرَ الحُسَينُ إلَيهِ وجَلَسَ عِندَ نَخلَةٍ مُستَتِرًا لا يَراهُ ، فَكانَ
يَرفَعُ الرَّغيفَ فَيَرمي بِنِصفِهِ إلَى الكَلبِ ويَأكُلُ نِصفَهُ الآخَرَ . فَتَعَجَّبَ الحُسَينُ مِن فِعلِ الغُلامِ، فَلَمّا فَرَغَ مِن أكلِهِ قالَ : الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، اللّهُمَّ اغفِر لي ، وَاغفِر لِسَيِّدي، وبارِك لَهُ كَما بارَكتَ عَلى أبَوَيهِ، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
فَقامَ الحُسَينُ وقالَ : يا صافي ، فَقامَ الغُلامُ فَزِعًا وقالَ : يا سَيِّدي وسَيِّدَ المُؤمِنينَ ، إنّي ما رَأَيتُكَ ، فَاعفُ عَنّي . فَقالَ الحُسَينُ : اِجعَلني في حِلٍّ يا صافي ، لِأَنّي دَخَلتُ بُستانَكَ بِغَيرِ إذنِكَ . فَقالَ صافي : بِفَضلِكَ يا سَيِّدي وكَرَمِكَ وسُؤدُدِكَ تَقولُ هذا . فَقالَ الحُسَينُ : رَأَيتُكَ تَرمي بِنِصفِ الرَّغيفِ لِلكَلبِ وتَأكُلُ النِّصفَ الآخَرَ ، فَما مَعنى ذلِكَ ؟ فَقالَ الغُلامُ : إنَّ هذَا الكَلبَ يَنظُرُ إلَيَّ حينَ آكُلُ ، فَأَستَحي مِنهُ يا سَيِّدي لِنَظَرِهِ إلَيَّ ، وهذا كَلبُكَ يَحرُسُ بُستانَكَ مِنَ الأَعداءِ ، فَأَنَا عَبدُكَ ، وهذا كَلبُكَ ، فَأَكَلنا رِزقَكَ مَعًا .
فَبَكَى الحُسَينُ وقالَ : أنتَ عَتيقٌ للّهِِ ، وقَد وَهَبتُ لَكَ ألفَي دينارٍ بِطيبَةٍ مِن قَلبي . فَقالَ الغُلامُ : إن أعتَقتَني فَأَنَا اُريدُ القِيامَ بِبُستانِكَ . فَقالَ الحُسَينُ : إنَّ الرَّجُلَ إذا تَكَلَّمَ بِكَلامٍ فَيَنبَغي أن يُصَدِّقَهُ بِالفِعلِ ، فَأَنَا قَد قُلتُ : دَخَلتُ بُستانَكَ بِغَيرِ إذنِكَ ، فَصَدَّقتُ قَولي ، ووَهَبتُ البُستانَ وما فيهِ لَكَ ، غَيرَ أنَّ أصحابي هؤُلاءِ جاؤوا لِأكلِ الثِّمارِ والرُّطَبِ فَاجعَلهُم أضيافًا لَكَ وأكرِمهُم مِن أجلي ، أكرَمَكَ اللّهُ يَومَ القِيامَةِ وبارَك لَكَ في حُسنِ خُلقِكَ وأدَبِكَ . فَقالَ الغُلامُ : إن وَهَبتَ لي بُستانَكَ فَأَنَا قَد سَبَّلتُهُ لِأَصحابِكَ وشيعَتِكَ . قالَ الحَسَنُ [ البَصرِيُّ ] : فَيَنبَغي لِلمُؤمِنِ أن يَكونَ كَنافِلَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ۴ .
1.عدّة الداعي : ۹۱ .
2.مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام للكوفيّ : ۲ / ۶۹ / ۵۵۲ ، ربيع الأبرار : ۲ / ۱۴۸ .
3.التهذيب : ۵ / ۱۱ / ۲۹ ، الاستبصار : ۲ / ۱۴۱ / ۴۶۱ ، حلية الأبرار : ۳ / ۵۶ / ۵ كلّها عن الحلبيّ ، وراجع تاريخ دمشق «ترجمة الإمام الحسن عليه السلام»: ۱۴۲ / ۲۳۶ ـ ۲۴۱ ، السنن الكبرى : ۴/۵۴۲/۸۶۴۵ ، المناقب لابن شهرآشوب : ۴ / ۱۴ .
4.مقتل الحسين عليه السلامللخوارزميّ : ۱ / ۱۵۳ .