197
المعلّي بن خنيس

المعلّي بن خنيس
196

مناقشة السند :

الرواية مرسلة أرسلوها اعتمادا على قاعدة التسامح في أدلة السنن، ولم نجد لهذه الرواية ذكرا في المصادر الحديثية للقدماء، وأقدم مصدر ذكرها كما قال ابن إدريس الحلي في السرائر ۱ ، والحر العاملي في الوسائل ۲ ، والمجلسي في البحار ۳ ، عن مصباح المتهجّد أو مختصره للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي، ولما راجعنا كتاب المصباح المطبوع لم نجد لهذه الرواية ذكرا رغم اعتماد المحققين على عدة نسخ خطية أشار إلى بعضها الشيخ مرواريد في تحقيقه وطبعه للمصباح .
ثُمَّ راجعنا الطبعات الحجرية للكتاب فوجدنا الرواية في حاشية آخر صفحة من الكتاب، وهي التي عليها تخريج أكثر من أشار إلى وجود الرواية في المصباح، وهذا ما يبعث الشك في أنّ الشيخ الطوسي هو الذي أثبت تلك الرواية في المصباح، وحتى لو كان هو الذي ذكرها، فذكره لها بالهامش دليل على عدم اهتمامه بها، لتكون جزءا من متن الكتاب، ولعلها أضيفت بأيدي النسّاخ، فجعلوها في الهامش؛ لكيلا تختلط في الكتاب، وكيف كان فالرواية مرسلةٌ، فلا يمكن القطع بصدورها عن الإمام المعصوم .

دراسة الخبر :

بعد القطع بإرسال الخبر، والشك في ثبوته في المصباح، والعلم أنّ قاعدة التسامح في أدلة السنن التي أجاز بعض العلماء الأُصوليين العمل بها اعتمادا على روايات «من بلغه» لا تثبت الصدور، وإنّما تثبت الثواب والعمل بها .
فالرواية بناءً على قاعدة التسامح في أدلة السنن يصح العمل بها ـ على رأى البعض ـ كما لا يمكن القطع في صدورها عن الإمام .
ولما كان ظهور الرواية في القرن الخامس أو السادس بناءً على الشك في ثبوتها في المصباح لم ينقلها أحد المحدثين في كتبهم قبل المصباح وبعده بسند آخر، وذكرها الحر العاملي عن المصباح في الوسائل، وقطّعها إلى ثلاثة أقسام حسب الحاجة إليها في أبواب كتابه، فقد ذكر قسم منها في كتاب الطهارة، والآخر في كتاب الصلاة، وثالثا في كتاب الصوم، ونقلها المجلسي في بحارالأنوار موزّعة على تلك الأبواب .
كما لم يفتِ بها أحد من فقهاء مدرسة قم، ومدرسة بغداد، وحتى الشيخ الطوسي، ولم ينقلها أحد منهم في كتبه .
وأول من أفتى بمفادها مع الإشارة إلى مصدرها الشيخ ابن إدريس الحلّي (ت ـ ۵۹۵ ه) ۴ ، ومن بعده دخل هذا الخبر في فتوى العلماء، وانتقل من كتب الأدعية إلى فتواهم .
فقد أفتى باستحباب غسل النيروز كل من الشهيد الأول في البيان والدروس والذكرى واللمعة ۵ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع ۶ ، والعلاّمة الحلّي في القواعد ۷ ، وابن فهد في المهذب ۸ ، والشهيد الثاني في المسالك وشرح اللمعة ۹ ، والبهائي في الجامع العباسي والحبل المتين ۱۰ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام وقال : «وتعيّنه من السنة غامض» ۱۱ . والشيخ صاحب الجواهر في الجواهر وقال : «أما غسل يوم النيروز فعلى المشهور بين المتأخرين، بل لم أعثر على مخالف فيه لخبر
المعلّى بن خُنَيس عن الصادق المروي عن المصباح ومختصره» ۱۲ .
والشيخ يوسف البحراني عدّه من الأغسال المستحبة في الحدائق، ونقل قول ابن فهد في تعيين يوم النيروز حيث قال : «يوم النوروز يوم جليل القدر، وتعيّنه من السنة غامض» . ثُمَّ قال البحراني معلقا : «ولا يخفى ما فيه على الفطن النبيه، فإنّ إثبات الأحكام الشرعية بأمثال هذه الوجوه التخريجية الوهمية لا يخلو من مجازفة، سيما مع ما فيها من الاختلال الذي لا يخفى على من خاض بحار الاستدلال، وليس في التعرّض لنقضها كثير فائدة مع ظهور الحال فيما ذكرناه، ولا أعرف دليلاً شرعيا ولا مستندا مرعيا غير مجرد اتفاق الناس على ذلك» ۱۳ .
وأفتى علماء مدرسة الخلفاء بكراهة إفراد صوم النيروز؛ لأنّه تشبه بالمجوس ۱۴ .
وبعد هذا تبيّن أنّ الرواية مرسلة ولا وجود لها في كتب القدماء، وأول من أفتى بها ابن إدريس اعتمادا على رواية المعلّى المنفردة، وبناءً على قاعدة التسامح في أدلة السنن، ومثله أفتى بعض المتأخرين، وادعى صاحب الجواهر عدم وجود المخالف، وقد تقدّم كلام صاحب الحدائق في وجه المخالف، وقد أفتى علماء مدرسة الخلفاء بكراهة الصوم فيه؛ لأنّه تشبُّه بالمجوس .
وكيف كان فإنّ الكلام يقع في أُمور نُشير إليها من دون بحث ومناقشة لكيلا يطول بنا المقام، ونخرج من طبيعة البحث في الكتاب .
أولاً : إنّ رواية النيروز مرسلةٌ ولم يروها أحد من القدماء والمحدّثين .
ثانيا : الشك في ثبوت النص بالمصباح ومختصره بعد عدم ذكره في طبعات المصباح، وذكرها في هامش الطبعة الحجرية .
ثالثا : على القول برد قاعدة التسامح في أدلة السنن لا يمكن العمل بها .
رابعا : على القول بالقاعدة، فإنّها تثبت الثواب لا تثبت الصدور، بإجماع القائلين بها .
خامسا : قول البحراني في الحدائق بعدم إثبات الأحكام الشرعية بتلك الوجوه الوهمية .
سادسا : القول بأنّ تلك الأعمال تشبّه بالمجوس، وعليه بعض علماء مدرسة الخلفاء، ومثله في المناقب عن الإمام الكاظم، وسوف ندرس تلك الرواية في بحث فضائل النيروز .

1. السرائر ، ج ۱ ، ص ۳۱۵ .

2. وسائل الشيعة ، ج ۳ ، ص ۳۳۵ (ح ۳۸۰۵) و ج ۸، ص ۱۷۲ (ح ۱۰۳۳۸) و ج ۱۰، ص ۴۶ (ح ۱۳۸۶۶) .

3. بحارالأنوار ، ج ۵۹، ص ۱۰۱ و ج ۸۱، ص ۲۱ .

4. السرائر ، ج ۱ ، ص ۳۱۵ .

5. البيان ، ص ۴ ؛ والدروس ، ص ۲ ؛ والذكرى ، ص ۲۳ ؛ اللمعة الدمشقية ، ص ۳۴ .

6. الجامع للشرائع ، ص ۳۳ .

7. القواعد ، ج ۱ ، ص ۳ .

8. المهذب ، ج ۱، ص ۱۹۱ .

9. المسالك ، ج ۱، ص ۱۷۷ ؛ شرح اللمعة ، ج ۱، ص ۳۱۶ .

10. الجامع العباسي ، ص ۱۱ ؛ الحبل المتين ، ص ۸۰ .

11. الحدائق ، ج ۴ ، ص ۲۱۲ .

12. الجواهر ، ج ۵ ، ص ۴۰ .

13. الحدائق ، ج ۴ ، ص ۲۱۲ .

14. بدائع الصنائع ، ج ۲ ، ص ۷۹ ؛ المغني ، ج ۳ ، ص ۹۹ .

  • نام منبع :
    المعلّي بن خنيس
    سایر پدیدآورندگان :
    حسين السّاعدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2962
صفحه از 260
پرینت  ارسال به