علاقة المعلّى بالإمام الصادق عليه السلام :
ممّا تقدم يظهر أنّه مولى للإمام الصادق، ولكن متى بدأت علاقته بالإمام رضى الله عنههل هو مولاه مملوك له، أم بالولاء، كعادة العجم والموالي في انتسابهم إلى القبائل العربية من أجل إدخالهم في دواوين العرب، وحفظ أنفسهم من عادية العصبية القبلية التي كانت تهيمن على الحياة الاجتماعية في القرن الأول والثاني، وخصوصا في الكوفة .
لا نعرف عن حياة المعلّى قبل اتصاله بالإمام الصادق، سوى أنّه كان كوفيا مولى لبني أسد، ولم نظفر بنص حول تشيّعه قبل إمامة الإمام الصادق عليه السلام، وإن كان احتمال تشيّعه كتشيع قبيلة بني أسد العربية التي عُرفت بتشيّعها وانتسابها لمدرسة أهل البيت عليهم السلام، إلاّ أنّ المقطوع به انتسابه لمدرسة أهل البيت باتصاله بالإمام الصادق عليه السلامبالولاء .
ولكن كيف بدأت هذه العلاقة؟ هل بالشراء أو الهبة أو الولاء؟ ومتى حصل ذلك؟ في فترة سفر الإمام الصادق للكوفة أم بعدها؟
عند تتبع كتب الرجال والتراجم التي ذكر فيه المعلّى، لم نجد أكثر من وصفه، بأنّه مولى للإمام الصادق من دون إشارة لنوع العلاقة وسببها، وعند مراجعة كتب الحديث يظهر نوع العلاقة من النصوص المروية عن الإمام الصادق عند استشهاد المعلّى .
فقد جاء في الصحيح : لما قتل داوود بن علي المعلّى بن خنيس، قال أبو عبداللّه عليه السلام : لأدعون على من قتل مولاي وأخذ مالي ۱ .
وفي رجال الكشّي : إنّ أبا عبداللّه دخل على داوود بن علي ـ لما قتل المعلّى بن خنيس ـ فقال : يا داوود ، قتلت مولاي وأخذت مالي . فقال داوود : ما أنا قتلته ولا أخذت مالكَ .
فقال الإمام : واللّه لأدعون على من قتل مولاي وأخذ مالي ۲ .
وفي الإرشاد والمناقب : إنَّ الإمام الصادق لما سمع بقتل المعلّى ، خرج يجر رداءه، فدخل على داوود . فقال له : قتلت مولاي وأخذت مالي! أما علمت أنّ الرجل ينام على الثُّكل ولا ينام على الحرب ۳ .
من هذه النصوص وغيرها يظهر أنّ المعلّى مملوك للإمام الصادق ومولاه، وكان مكلفا من قبل الإمام أن يتجر له .
جاء في كتاب من لا يحضره الفقيه عن المعلى بن خنيس، قال : رآني أبو عبداللّه وقد تأخرت عن السوق، فقال : أغد إلى عزك ۴ .
ولما أخذه داوود بن علي وأراد قتله، قال له المعلى : اخرجني إلى الناس، فإنّ ليَّ دينا كثيرا ومالاً حتى أشهد بذلك . فأخرجه إلى السوق، فلما اجتمع الناس حوله قال : يا أيها الناس فمن عرفني فقد عرفني، واشهدوا أنّ ما تركت من مال وعين ودين أو أمة أو عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمّد ۵ .
ومن هذا الإعلان يتضح أنّ المعلّى كان مكلفا من قبل الإمام أن يتجر له، وكان صاحب تجارة ومال في المدينة يوم قتله . وأنّ هذا النص لا يُحمل على كونه وصية شخصية، وإنّما إعلان من المعلّى بعلاقته بالإمام الصادق، وأن ما يملكه هو للإمام الصادق، ولذلك نرى الإمام يحتج على داوود بن علي كما في النصوص المتقدّمة بأنّه قتل مولاه وأخذ ماله، فالمال للإمام الصادق، ونرى بعض من له مال على المعلى طالب الإمام الصادق عليه السلام به .
ففي الصحيح عن الوليد بن صبيح، قال : جاء رجل إلى أبي عبداللّه يدّعي على المعلّى دينا عليه وقال : ذهب بحقي . فقال أبو عبداللّه : ذهب بحقك الذي قتله . ثُمَّ قال للوليد : قم فاقضه من حقه، فإنّي أريد أن أبرد عليه جلده الذي كان باردا ۶ .
وهكذا يتضح أنّ المعلّى كان مملوكا للإمام الصادق ومكلفا من قبل الإمام أن يتجر له .
1. الكافي ، ج ۲، ص ۵۱۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۷، ص ۱۳۲ (ح ۸۹۲۷) .
2. رجال الكشّي ، ج ۲، ص ۶۷۵ ؛ ووسائل الشيعة ، ج ۲۹، ص ۴۶ (ح ۳۵۱۱۶) .
3. الإرشاد ، ج ۲، ص ۱۸۴ ؛ مناقب آل أبي طالب ، ج ۴، ص ۲۳۰ .
4. كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۳، ص ۱۹۲ (ح ۳۷۱۹) ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۷ ، ص ۱۰ (ح ۲) .
5. رجال الكشّي ، ج ۲، ص ۶۷۵، وخاتمة المستدرك ، ج ۵، ص ۲۹۴ ؛ ومعجم رجال الحديث ، ج ۱۸، ص ۲۳۹، رقم ۱۲۴۹۶ .
6. الكافي ، ج ۵، ص ۹۴ (ح ۸)؛ تهذيب الأحكام ، ج ۶، ص ۱۸۶ (ح ۳۸۶) .