25
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

الاعتكاف ـ ،وتتعلّق بهذه المراتب درجات قيمة العبادة وبركاتها، فبعض يعبد اللّٰه طمعاً في ثوابه، وبعض خوفاً من عقابه، ولكنّ دافع كبار أهل المعرفة هو حبّهم لله تعالى وإيمانهم بأنّه جدير بالعبادة. وأهل البيت علیهم السلام من المجموعة الثالثة، فعبادتهم قائمة على الحبّ والجدارة.

جاء في حديث نُقل بسندٍ معتبر عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال:

۰.إنَّ العُبّادَ ثَلاثَةٌ: قَومٌ عَبَدُوا اللّٰهَ عزّ و جل خَوفاً فَتِلكَ عِبادَةُ العَبيدِ، وقَومٌ عَبَدُوا اللّٰهَ (تَبارَكَ وَتَعالیٰ) طَلَبَ الثَّوابِ فَتِلكَ عِبادَةُ الاُجَراءِ، وَقَومٌ عَبَدُوا اللّٰهَ عزّ و جل حُبّاً لَهُ فَتِلكَ عِبادَةُ الأَحرارِ، وهِيَ أفضَلُ العِبادَةِ.۱

وبناء عليه فأعلى مراتب الاعتكاف وأسماها يحظى بها من جذبهم حبّ اللّٰه وعشقه إلى اختيار هذه العبادة.

مراتب بركات الحضور في المسجد

ثاني ركن للاعتكاف هو الإقامة في المسجد. واعتماداً على ما وصلنا من أحاديث يتراءى لنا المسجد أنّه بيت اللّٰه في الأرض، ومظهر تجلّي النور الإلهي، ومقام حضور أنبياء الله، ومحل شهادة أوليائه، ومسكن المتّقين، وروضة من رياض الجنة، وأفضل الأماكن على الأرض.۲

وربّما لهذا السبب، وللآثار الثقافية والاجتماعية والسياسية للحضور في المسجد، ذُكرت له بركات جمّة، فمثلاً: ثواب الصلاة في المسجد ولاسيّما صلاة الجماعة أكثر بدرجات من الصلاة في أماكن اُخرى، وکلّما حوی المسجد عدداً أكبر من المصلّين كثرت بركاته. وأعلى ثواب خُصّص به المسجد الحرام، فثواب كلّ ركعة فيه يُعادل ألف ركعة في غيره من المساجد استناداً إلى حديث روي عن الإمام الصادق علیه السلام۳.

1.. الکافی: ج۲ ص۸۴ ح ۵ وراجع المحبة في الکتاب والسنّة: ص۲۱۰(عبادة المحبّین).

2.. راجع: ص ۵۵ (الفصل الثاني: المعتکف و برکات حضوره في المسجد) و فرهنگ‌نامه مسجد (بالفارسیّة).

3.. راجع: ح ۶۴.


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
24

وكذلك يُكره للمعتكف أيضاً كلّ ما يُكره عمله للمقيم في المسجد، مثل: النوم دون ضرورة، أو أكل ما تؤذي رائحته الآخرين من الطعام۱. ویكره له كذلك كلّ ما يُكره للصائم الإتيان به في طوال النهار۲.

وقد ذكرت بعض مذاهب أهل السنّة موارد اُخرى تحت عنوان «مكروهات الاعتكاف»، منها: الاعتكاف أقلّ من عشرة أيّام وأكثر من شهر واحد، وكثرة الكتابة إلّا إذا كانت من أجل لقمة العيش وبقدر الضرورة، والانشغال بشيء سوى الصلاة والذكر وقراءة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار والصلوات وغيرها۳.

ويمكن القول بنحوٍ عامّ: يُكره كلّ ما يُبعد المعتكف عن هدف الاعتكاف الأساسي وهو ذكر اللّٰه والاستئناس به.

بركات الاعتكاف

یشتمل الاعتكاف على جميع الفضائل والبركات المذكورة في القرآن الكريم والأحاديث: من الحضور في المسجد، والصيام، وذكر اللّٰه سبحانه؛ وبناء عليه فجميع آثار وبركات هذه العبادات تتأتّی دفعة واحدة من هذه العبادة.

وبعبارة اُخرى: كلّما استطاع المعتكف أن يقرن حضوره القصير في المسجد بآدابه ويُضفي عليه مزيداً من العمق الروحي، تعاظم الأثر البنّاء للاعتكاف في روحه ونفسه، وظفر بحسنات ونتائج إيجابية أكثر.

وتأسيساً على ذلك فربما اعتكف شخصان في مسجدٍ واحدٍ غير أنّه لايمكن مقارنة ما جنياه من مراتب الاستفادة. وسنشرع في توضيح هذا الأمر بعرض بركات أوّل ركن للاعتكاف وهو النية، فنقول:

مراتب بركات النية

هناك مراتب للنیّة وللدافع الذي یدفع الإنسان لجميع العبادات ـــ ومنها

1.. راجع: فرهنگ‌نامه مسجد (بالفارسیّة): ص۱۵۲.

2.. راجع: ص۳۳ (آداب الاعتکاف).

3.. راجع: الفقه على المذاهب الأربعة ومذهب أهل البیت علیها السلام: ج۱ ص۷۶۳.

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10607
صفحه از 204
پرینت  ارسال به