عَن قُلوبِهِم وسَرائِرِهِم، وَانشَرَحَت بِتَحقيقِ المَعرِفَةِ صُدورُهُم، وعَلَت لِسَبقِ السَّعادَةِ فِي الزَّهادَةِ هِمَمُهُم، وعَذُبَ في مَعينِ المُعامَلَةِ شِربُهُم، وطابَ في مَجلِسِ الاُنسِ سِرُّهُم، وأَمِنَ في مَوطِنِ المَخافَةِ سِربُهُم، وَاطمَأَنَّت بِالرُّجوعِ إلیٰ رَبِّ الأَربابِ أنفُسُهُم، وتَيَقَّنَت بِالفَوزِ وَالفَلاحِ أرواحُهُم، وقَرَّت بِالنَّظَرِ إلیٰ مَحبوبِهِم أعيُنُهُم، وَاستَقَرَّ بِإِدراكِ السُّؤلِ ونَيلِ المَأمولِ قَرارُهُم، ورَبِحَت في بَيعِ الدُّنيا بِالآخِرَةِ تِجارَتُهُم.
إلٰهي! ما ألَذَّ خَواطِرَ الإِلهامِ بِذِكرِكَ عَلَى القُلوبِ، وما أحلَى المَسيرَ إلَيكَ بِالأَوهامِ في مَسالِكِ الغُيوبِ، وما أطيَبَ طَعمَ حُبِّكَ، وما أعذَبَ شِربَ قُربِكَ! فَأَعِذنا مِن طَردِكَ وإبعادِكَ، وَاجعَلنا مِن أخَصِّ عارِفيكَ، وأَصلَحِ عِبادِكَ، وأَصدَقِ طائِعيكَ، وأَخلَصِ عُبّادِكَ، يا عَظيمُ يا جَليلُ، يا كَريمُ يا مُنيلُ، بِرَحمَتِكَ ومَنِّكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ.۱
۶ / ۱۱ ـ ۱۵
مُناجاةُ الذّاكِرينَ
۳۶۸.الإمام زين العابدين علیه السلام:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ، إلٰهي! لَولاَ الواجِبُ مِن قَبولِ أمرِكَ لَنَزَّهتُكَ مِن ذِكري إيّاكَ، عَلیٰ أنَّ ذِكري لَكَ بِقَدري لا بِقَدَرِكَ، وما عَسیٰ أن يَبلُغَ مِقداري حَتّیٰ اُجعَلَ مَحَلّاً لِتَقديسِكَ؟! ومِن أعظَمِ النِّعَمِ عَلَينا جَرَيانُ ذِكرِكَ عَلیٰ ألسِنَتِنا، وإذنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وتَنزيهِكَ وتَسبيحِكَ. إلٰهي! فَأَلهِمنا ذِكرَكَ فِي الخَلَأِ وَالمَلَأِ، وَاللَّيلِ وَالنَّهارِ، وَالإِعلانِ وَالإِسرارِ، وفِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ، وآنِسنا بِالذِّكرِ الخَفِيِّ، وَاستَعمِلنا بِالعَمَلِ الزَّكِيِّ، وَالسَّعيِ المَرضِيِّ، وجازِنا بِالميزانِ الوَفِيِّ.