127
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

ثُمَّ قامَ إلیٰ راحِلَتِهِ ورَكِبَها، فَقالَ لِيَ ابنُ جَعفرٍ الدَّهّانُ: ألا نَقومُ إلَيهِ فَنَسأَ لُهُ مَن هُوَ؟ فَقُمنا إلَيهِ فَقُلنا لَهُ: ناشَدناكَ اللّهَ مَن أنتَ؟ فَقالَ: ناشَدتُكُمَا اللّهَ مَن تَرَياني؟ قالَ ابنُ جَعفَرٍ الدَّهّانُ: نَظُنُّكَ الخِضرَ علیه السلام، فَقالَ: وأَنتَ أيضا؟ فَقُلتُ: أظُنُّكَ إيّاهُ، فَقالَ: وَاللّهِ، إنّي لَمَنِ الخِضرُ مُفتَقِرٌ إلیٰ رُؤيَتِهِ، اِنصَرِفا فَأَنَا إمامُ زَمانِكُما.
وهٰذا لَفظُ دُعائِهِ علیه السلام:
اللّٰهُمَّ يا ذَا المِنَنِ السّابِغَةِ، وَالآلاءِ الوازِعَةِ، وَالرَّحمَةِ الواسِعَةِ، وَالقُدرَةِ الجامِعَةِ، وَالنِّعَمِ الجَسيمَةِ، وَالمَواهِبِ العَظيمَةِ، وَالأَيادِي الجَميلَةِ، وَالعَطايَا الجَزيلَةِ.
يا مَن لا يُنعَتُ بِتَمثيلٍ، ولا يُمَثَّلُ بِنَظيرٍ، ولا يُغلَبُ بِظَهيرٍ.
يا مَن خَلَقَ فَرَزَقَ، وأَلهَمَ فَأَنطَقَ، وَابتَدَعَ فَشَرَعَ، وعَلا فَارتَفَعَ، وقَدَّرَ فَأَحسَنَ، وصَوَّرَ فَأَتقَنَ، وَاحتَجَّ فَأَبلَغَ، وأَنعَمَ فَأَسبَغَ، وأَعطیٰ فَأَجزَلَ، ومَنَحَ فَأَفضَلَ.
يا مَن سَما فِي العِزِّ فَفاتَ خَواطِرَ الأَبصارِ، ودَنا فِي اللُّطفِ فَجازَ هَواجِسَ الأَفكارِ، يا مَن تَوَحَّدَ بِالمُلكِ فَلا نِدَّ لَهُ في مَلَكوتِ سُلطانِهِ، وتَفَرَّدَ بِالكِبرِياءِ وَالآلاءِ فَلا ضِدَّ لَهُ في جَبَروتِ شَأنِهِ، يا مَن حارَت في كِبرِياءِ هَيبَتِهِ دَقائِقُ لَطائِفِ الأَوهامِ، وَانحَسَرَت دونَ إدراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أبصارِ الأَنامِ، يا مَن عَنَتِ الوُجوهُ لِهَيبَتِهِ، وخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ، ووَجِلَتِ القُلوبُ مِن خيفَتِهِ؛ أسأَ لُكَ بِهٰذِهِ المِدحَةِ الَّتي لا تَنبَغي إلّا لَكَ، وبِما وَأَيتَ بِهِ عَلیٰ نَفسِكَ لِداعيكَ مِنَ المُؤمِنينَ، وبِما ضَمِنتَ الإِجابَةَ فيهِ عَلیٰ نَفسِكَ لِلدّاعينَ، يا أسمَعَ السّامِعينَ، ويا أبصَرَ المُبصِرينَ، ويا أنظَرَ النّاظِرينَ، ويا أسرَعَ الحاسِبينَ، ويا أحكَمَ الحاكِمينَ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ، صَلِّ عَلیٰ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وعَلیٰ أهلِ


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
126

عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ، أنَا سائِلُكُم وآمِلُكُم، فيما إلَيكُمُ التَّفويضُ وعَلَيكُمُ التَّعويضُ، فَبِكُم يُجبَرُ المَهيضُ، ويُشفَى المَريضُ، وما تَزدادُ الأَرحامُ وما تَغيضُ.
إنّي بِسِرِّكُم مُؤمِنٌ، ولِقَولِكُم مُسَلِّمٌ، وعَلَى اللّهِ بِكُم مُقسِمٌ في رَجعي بِحَوائِجي وقَضائِها وإمضائِها، وإنجاحِها وإبراحِها، وبِشُؤوني لَدَيكُم وصَلاحِها.
وَالسَّلامُ عَلَيكُم سَلامَ مُوَدِّعٍ، ولَكُم حَوائِجَهُ مودِعٌ، يَسأَلُ اللّهَ إلَيكُمُ المَرجِعَ، وسَعيُهُ إلَيكُم غَيرُ مُنقَطِعٍ، وأَن يُرجِعَني مِن حَضرَتِكُم خَيرَ مَرجِعٍ، إلیٰ جَنابٍ مُمرِعٍ وخَفض مُوَسَّعٍ، ودَعَةٍ ومَهَلٍ، إلیٰ حينِ الأَجَلِ، وخَيرِ مَصيرٍ ومَحَلٍّ، فِي النَّعيمِ الأَزَلِ وَالعَيشِ المُقتَبَلِ، ودَوامِ الاُكُلِ، وشُربِ الرَّحيقِ وَالسَّلسَلِ، وعَلٍّ ونَهَلٍ، لا سَأَمَ مِنهُ ولا مَلَلَ، ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ وتَحِيّاتُهُ، حَتَّى العَودِ إلیٰ حَضرَتِكُم، وَالفَوزِ في كَرَّتِكُم، وَالحَشرِ في زُمرَتِكُم، وَالسَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيكُم وصَلَواتُهُ وتَحِيّاتُهُ، وهُوَ حَسبُنا ونِعمَ الوَكيلُ.۱

۳۴۹.الإقبالـــ فيما رَواهُ مِن كِتابِ «مَعالِمُ الدّينِ» ـــ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ أبِي الرَّوّادِ الرَّوّاسِيُّ أنَّهُ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ جَعفَرٍ الدَّهّانِ إلیٰ مَسجِدِ السَّهلَةِ في يَومٍ مِن أيّامِ رَجَبٍ، فَقالَ: مِل بِنا إلیٰ مَسجِدِ صَعصَعَةَ فَهُوَ مَسجِدٌ مُبارَكٌ، وقَد صَلّیٰ بِهِ أميرُ المُؤمنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ وآلِهِ، ووَطِئَهُ الحُجَجُ بِأَقدامِهِم، فَمِلنا إلَيهِ، فَبَينا نَحنُ نُصَلّي إذا بِرَجُلٍ قَد نَزَلَ عَن ناقَتِهِ وعَقَلَها بِالظِّلالِ، ثُمَّ دَخَلَ وصَلّیٰ رَكعَتَينِ أطالَ فيهِما، ثُمَّ مَدَّ يَدَيهِ فَقالَ ـــ وذَكَرَ الدُّعاءَ الَّذي يَأتي ذِكرُهُ ـــ

1.. مصباح المتهجّد: ص۸۲۱، المزار الكبير: ص۲۰۳ ح ۲.

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10815
صفحه از 204
پرینت  ارسال به