123
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

وَارحَمني مَطروحاً عَلَى المُغتَسَلِ يُغَسِّلُني صالِحُ جيرَتي، وَارحَمني مَحمولاً قَد تَناوَلَ الأَقرِباءُ أطرافَ جَنازَتي، وَارحَم في ذٰلِكَ البَيتِ المُظلِمِ وَحشَتي وغُربَتي ووَحدَتي، فَما لِلعَبدِ مَن يَرحَمُهُ إلّا مَولاهُ!.
ثُمَّ سَجَدَ وقالَ:
أعوذُ بِكَ مِن نارٍ حَرُّها لا يُطفیٰ، وجَديدُها لا يَبلیٰ، وعَطشانُها لا يَرویٰ.
وقَلَبَ خَدَّهُ الأَيمَنَ وقالَ:
اللّٰهُمَّ لا تُقَلِّب وَجهي فِي النّارِ بَعدَ تَعفيري وسُجودي لَكَ بِغَيرِ مَنٍّ مِنّي عَلَيكَ، بَل لَكَ الحَمدُ وَالمَنُّ عَلَيَّ.
ثُمَّ قَلَبَ خَدَّهُ الأَيسَرَ وقالَ:
اِرحَم مَن أساءَ وَاقتَرَفَ، وَاستَكانَ وَاعتَرَفَ.
ثُمَّ عادَ إلَى السُّجودِ وقالَ:
إن كُنتُ بِئسَ العَبدُ، فَأَنتَ نِعمَ الرَّبُّ، العَفوَ العَفوَ ـــ مِئَةَ مَرَّةٍ ـــــ.
قالَ طاووسٌ: فَبَكَيتُ حَتّیٰ عَلا نَحيبي، فَالتَفَتَ إلَيَّ وقالَ: ما يُبكيكَ يا يَمانِيُ؟ أوَ لَيسَ هٰذا مَقامَ المُذنِبينَ؟! فَقُلتُ: حَبيبي! حَقيقٌ عَلَى اللّهِ أن لا يَرُدَّكَ وجَدُّكَ مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و اله.
قالَ طاووسٌ: فَلَمّا كانَ فِي العامِ المُقبِلِ في شَهرِ رَجَبٍ بِالكوفَةِ فَمَرَرتُ بِمَسجِدِ غَنِيٍّ، فَرَأَيتُهُ علیه السلام يُصَلّي فيهِ ويَدعو بِهٰذَا الدُّعاءِ، وفَعَلَ كَما فَعَلَ فِي الحِجرِ.۱

۳۴۵.الإقبال عن أبي معشر عن الإمام الصادق علیه السلام، قال: إنَّهُ كانَ إذا دَخَلَ رَجَبٌ يَدعو بِهٰذَا الدُّعاءِ في كُلِّ يَومٍ مِن أيّامِهِ:
خابَ الوافِدونَ عَلیٰ غَيرِكَ، وخَسِرَ المُتَعَرِّضونَ إلّا لَكَ، وضاعَ المُلِمّونَ إلّا بِكَ، وأَجدَبَ المُنتَجِعونَ إلّا مَنِ انتَجَعَ فَضلَكَ، بابُكُ

1.. المزار الكبير: ص۱۴۶، المزار للشهيد الأوّل: ص۲۶۷.


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
122

وهُوَ حَيٌّ لا يَموتُ، بِيَدِهِ الخَيرُ وهُوَ عَلیٰ كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، وإلَيهِ المَصيرُ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ، اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلیٰ مُحَمَّدٍ وعَلیٰ آل مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ وآلِهِ.
ويَمسَحُ بِيَدَيهِ وَجهَهُ، فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يَستَجيبُ الدُّعاءَ، ويُعطي ثَوابَ سِتّينَ حَجَّةً وسِتّينَ عُمرَةً.۱

۳۴۴.المزار الكبير عن طاووس اليماني: مَرَرتُ بِالحِجرِ في رَجَبٍ، وإذا أنَا بِشَخصٍ راكِعٍ وساجِدٍ، فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ علیه السلام، فَقُلتُ: يا نَفسي، رَجُلٌ صالِحٌ مِن أهلِ بَيتِ النُّبُوَّةِ، وَاللّهِ لَأَغتَنِمَنَّ دُعاءَهُ. فَجَعَلتُ أرقُبُهُ حَتّیٰ فَرَغَ مِن صَلاتِهِ، ورَفَعَ باطِنَ كَفَّيهِ إلَى السَّماءِ وجَعَلَ يَقولُ:
سَيِّدي سَيِّدي، هٰذِهِ يَدايَ قَد مَدَدتُهُما إلَيكَ بِالذُّنوبِ مَملُوَّةً، وعَينايَ إلَيكَ بِالرَّجاءِ مَمدودَةً، وحَقٌّ لِمَن دَعاكَ بِالنَّدَمِ تَذَلُّلاً، أن تُجيبَهُ بِالكَرَمِ تَفَضُّلاً.
سَيِّدي! أمِن أهلِ الشَّقاءِ خَلَقتَني فَاُطيلَ بُكائي؟ أم مِن أهلِ السَّعادَةِ خَلَقتَني فَاُبَشِّرَ رَجائي؟
سَيِّدي! ألِضَربِ المَقامِعِ خَلَقتَ أعضائي؟ أم لِشُربِ الحَميمِ خَلَقتَ أمعائي؟
سَيِّدي! لَو أنَّ عَبداً استَطاعَ الهَرَبَ مِن مَولاهُ لَكُنتُ أوَّلَ الهارِبينَ مِنكَ، لٰكِنّي أعلَمُ أنّي لا أفوتُكَ.
سَيِّدي! لَو أنَّ عَذابي يَزيدُ في مُلكِكَ لَسَأَلتُكَ الصَّبرَ عَلَيهِ، غَيرَ أنّي أعلَمُ أنَّهُ لا يَزيدُ في مُلكِكَ طاعَةُ المُطيعينَ، ولا يَنقُصُ مِنهُ مَعصِيَةُ العاصينَ.
سَيِّدي! ما أنَا وما خَطَري؟ هَب لي خَطايايَ بِفَضلِكَ، وجَلِّلني بِسِترِكَ، وَاعفُ عَن تَوبيخي بِكَرَمِ وَجهِكَ.
إلٰهي وسَيِّدي! ارحَمني مَطروحاً عَلَى الفِراشِ تُقَلِّبُني أيدي أحِبَّتي،

1.. الإقبال: ج۳ ص۱۷۸، بحار الأنوار: ج۹۸ ص۳۸۰ ح ۱.

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10845
صفحه از 204
پرینت  ارسال به