115
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

فَسَأَلتُهُ عَن حالِهِ ودَعَوتُ لَهُ. فَقالَ لي: يا اُمَّ داوُدَ ما فَعَلَ داوُدُ؟ ـــ وكُنتُ قَد أرضَعتُهُ بِلَبَنِهِ ـــ فَقُلتُ: يا سَيِّدي، وأَينَ داودُ؟! وقَد فارَقَني مُنذُ مُدَّةٍ طَويلَةٍ، وهُوَ مَحبوسٌ بِالعِراقِ. فَقالَ: وأَينَ أنتِ عَن دُعاءِ الاِستِفتاحِ؟ وهُوَ الدُّعاءُ الَّذي تُفتَحُ لَهُ أبوابُ السَّماءِ، ويَلقیٰ صاحِبُهُ الإِجابَةَ مِن ساعَتِهِ، ولَيسَ لِصاحِبِهِ عِندَ اللّهِ تَعالیٰ جَزاءٌ إلّاَ الجَنَّةُ. فَقُلتُ لَهُ: كَيفَ ذٰلِكَ يَابنَ الصّادِقينَ؟
فَقالَ لي: يا اُمَّ داوُدَ، قَد دَنَا الشَّهرُ الحَرامُ العَظيمُ شَهرُ رَجَبٍ، وهُوَ شَهرٌ مَسموعٌ فيهِ الدُّعاءُ، شَهرُ اللّهِ الأَصَمُّ، فَصومِي الثَّلاثَةَ الأَيّامِ البيضِ: وهُوَ يَومُ الثّالِثَ عَشَرَ وَالرّابِعَ عَشَرَ وَالخامِسَ عَشَرَ، وَاغتَسِلي في يَومِ الخامِسَ عَشَرَ وَقتَ الزَّوالِ، وصَلِّي الزَّوالَ ثَمانِيَ رَكَعاتٍ. ثُمَّ صَلِّي الظُّهرَ، وتَركَعينَ بَعدَ الظُّهرِ وتَقولينَ بَعدَ الرَّكعَتَينِ: «يا قاضِيَ حَوائِجِ الطّالِبينَ» مِئَةَ مَرَّةٍ، ثُمَّ تُصَلّينَ بَعدَ ذٰلِكَ ثَمانِيَ رَكَعاتٍ، ثُمَّ صَلِّي العَصرَ.
وَلتَكُن صَلاتُكِ في ثَوبٍ نَظيفٍ، وَاجتَهِدي أن لا يَدخُلَ عَلَيكِ أحَدٌ يُكَلِّمُكِ، ثُمَّ استَقبِلِي القِبلَةَ، وَاقرَئِي الحَمدَ مِئَةَ مَرَّةٍ، و«قُل هُوَ اللّهُ أحَدٌ» مِئَةَ مَرَّةٍ، وآيَةَ الكُرسِيِّ عَشرَ مَرّاتٍ، ثُمَّ اقرَئي سورَةَ الأَنعامِ وبَني إسرائيلَ وسورَةَ الكَهفِ ولُقمانَ ويٰس وَالصّافّاتِ وحٰم السَّجدَةَ وحٰمعسق‏ٰ وحٰم الدُّخانَ وَالفَتحَ وَالواقِعَةَ وسورَةَ المُلكِ و«ن وَالقَلمِ» و«إذَا السَّماءُ انشَقَّت» وما بَعدَها إلیٰ آخِرِ القُرآنِ، وإن لَم تُحسِني ذٰلِكِ ولَم تُحسِني قِراءَتَهُ مِنَ المُصحَفِ كَرَّرتِ «قُل هُوَ اللّهُ أحَدٌ» ألفَ مَرَّةٍ....
ثُمَّ قالَ الصّادِقُ علیه السلام ـــ في إحدَى الرِّواياتِ ـــ: فَإِذا فَرَغتِ مِن ذٰلِكِ وأَنتِ مُستَقبِلَةُ القِبلَةِ فَقولي:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ، صَدَقَ اللّهُ العَلِيُّ العَظيمُ، الَّذي لا إلٰهَ إلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ، ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ، الرَّحمٰنُ الرَّحيمُ، الحَليمُ


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
114

قَالَت أُمُّ دَاوُدَ: فَمَضَيتُ بِهِ إِلیٰ أَبي عَبدِ اللّهِ علیه السلام، فَسَلَّمَ عَلَيهِ وحَدَّثَهُ بِحَديثِهِ، فَقالَ لَهُ الصّادِقُ علیه السلام: إِنَّ أَبَا الدَّوانيقِ رَأیٰ فِي النَّومِ عَلِيّاً علیه السلام يَقولُ لَهُ: «أَطلِق وَلَدي وإِلّا لَأُلقِيَنَّكَ فِي النّارِ»، وَرَأَیٰ كَأَنَّ تَحتَ قَدَمَيهِ النّيرانَ، فَاستَيقَظَ وقَد سُقِطَ في يَدِهِ، فَأَطلَقَكَ.۱

۳۴۱.السيّد ابن طاووســـ في بَيانِ دُعاء اُمِّ داودَ ـــ: اِعلَم أنَّ هٰذَا الدُّعاءَ الَّذي نَذكُرُهُ في هٰذَا الفَصلِ دُعاءٌ عَظيمُ الفَضلِ مَعروفٌ بِدُعاءِ اُمِّ داوُدَ، وهِيَ جَدَّتُنَا الصّالِحَةُ المَعروفَةُ بِاُمِّ خالِدٍ البَربَرِيَّةِ، اُمُّ جَدِّنا داوُدَ بنِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ ابنِ مَولانا عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ أميرِ المُؤمِنينَ علیه السلام. وكانَ خَليفَةُ ذٰلِكَ الوَقتِ قَد خافَهُ عَلیٰ خِلافَتِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَراءَةُ ساحَتِهِ فَأَطلَقَهُ مِن دونِ آلِ أبي طالِبٍ الَّذينَ قَبَضَ عَلَيهِم، وسَيَأتي شَرحُ حالِ حَبسِ وَلَدِها جَدِّنا داودَ، وحَديثُ الدُّعاءِ الَّذي استَجابَهُ اللّهُ جَلَّ جَلالُهُ مِنها رَضِيَ اللّهُ عَنها، وجَمَعَ شَملَها بِهِ بَعدَ بُعدِ العُهودِ....
فَمِنَ الرِّواياتِ في ذٰلِكَ أنَّ المَنصورَ لَمّا حَبَسَ عَبدَ اللّهِ بنَ الحَسَنِ وجَماعَةً مِن آلِ أبي طالِبٍ، وقَتَلَ وَلَدَيهِ مُحَمَّداً وإبراهيمَ، أخَذَ داوُدَ بنَ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ ـــ وهُوَ ابنُ دايَةِ أبي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ علیه السلام لِأَنَّ اُمَّ داوُدَ أرضَعَتِ الصّادِقَ علیه السلام؛ مِنها بِلَبَنِ وَلَدِها داوُدَ ـــ وحَمَلَهُ مُكَبَّلاً بِالحَديدِ.
قالَت اُمُّ داوُدَ: فَغابَ عَنّي حينا بِالعِراقِ، ولَم أسمَع لَهُ خَبَراً، ولَم أزَل أدعو وأَتَضَرَّعُ إلَى اللّهِ جَلَّ اسمُهُ، وأَسأَلُ إخواني مِن أهلِ الدِّيانَةِ وَالجِدِّ وَالاِجتِهادِ أن يَدعُو اللّهَ تَعالیٰ لي، وأَ نَا في ذٰلِكَ كُلِّهِ لا أریٰ في دُعائِي الإِجابَةَ.
فَدَخَلتُ عَلیٰ أبي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام يوماً أعودهُ مِن عِلَّةٍ وَجَدَها،

1.. فضائل الأشهر الثلاثة: ص۳۳ ح ۱۴.

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10844
صفحه از 204
پرینت  ارسال به