۸. دور الذكر في تأمين خير الدنيا والآخرة
لقد أوضحنا في بداية هذا المقال أنّ أشمل بركات الذكر هو الذّكر المتبادل بينَ اللهِ ـــ تعالى ـــ وذاكِرهِ، وبالاستلهام من الكتاب وأحاديث أهل البيت فسَّرنا ذكر اللّه لذاكره بالقضاء على آفات الحياة، وبناء الروح، وظهور العلم والحكمة، والعصمة الباطنية، والعمل الصالح، والذكر الحسن، وتأمين الرفاه المادي، وأخيراً الحصول على إكسير محبّة اللّه والغاية الإنسانية العليا.
والآن نقول إنّ أشمل تفسير لذكر اللّه المتبادل، هو تأمين خير دنيا الذاكر وآخرته. وقد استلهمنا هذا التفسير من الكلام الدقيق الجميل للإمام زين العابدين علیه السلام ـــ في الصحيفة السجّادية ـــ في مقام الدعاء، حيث يناجي اللّه ـــ تعالى ـــ في ختام دعاء مكارم الأخلاق وكأنّه يقدّم خلاصة مطالبه من اللّه سبحانه:
۰.اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلیٰ مُحَمَّدٍ وآلِهِ، ونَبِّهني لِذِكرِكَ في أوقاتِ الغَفلَةِ، وَاستَعمِلني بِطاعَتِكَ في أيّام المُهلَةِ، وَانهَج لي إلیٰ مَحَبَّتِكَ سَبيلاً سَهلَةً، أكمِل لي بِها خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ.۱
ويمكننا أن نستنبط من هذا الكلام الرائع أنّه إذا ما تمّت معالجة مرض الغفلة في الإنسان واستمرّ ذكر اللّه في قلبه، فإنّ الذكر الحقيقي للّه هو الممهّد لطاعته المطلقة، وبذلك يستطيع الإنسان بعون اللّه تعالى أن يصل بسهولة إلى إكسير محبّته، ويكمل بهذا الإكسير خير دنياه وآخرته.۲
۹. مضارّ الغفلة عن اللّٰه
كما أنّ أشمل بركات ذكر اللّٰه هو ذكر اللّٰه المتبادل للذاكر، فإنّ أخطر الآثار السلبية للغفلة عن اللّٰه تعالى هو نسيانه في مقابل الناسي، ونسيان اللّٰه سبحانه يعني إيكال الإنسان إلى نفسه وقطع رحمته عنه. فعندما يوكل