يتبيّن لنا من الروايات الّتي سلفت، وكذلك الّتي ستأتي في فصل «آداب الصيام»، أنَّ الصوم يقسّم من حيث المراتب ومن زاوية الدور الّذي ينهض به في تكامل الإنسان، إلى ثلاثة أقسام. وفي هذا السياق قسّم علماء الأخلاق وأرباب السَّير والسلوك، الصيامَ إلى: صوم العوامّ، وصوم الخواصّ، وصوم خواصّ الخواصّ، على ما سنتحدّث عنه ملخّصاً.
أوّلاً: صوم العوامّ
يتمثّل صوم العوامّ باجتناب مفطّرات الصيام والإمساك عنها، على التفصيل المذكور في الكتب الفقهية. وهذه المرتبة من الصوم تعدّ أيسر مراتبه وأدناها، وما روي عن النَّبي صلی الله علیه و اله من قوله:
۰.إنَّ أيسَرَ مَا افتَرَضَ اللّهُ تَعالیٰ عَلَى الصّائِمِ في صِيامِه، تَركُ الطَّعامِ وَالشَّرابِ.۱
إنَّما هو إشارة إلى هذه المرتبة من الصيام.
ثانياً: صوم الخواصّ
في صوم الخواصّ لا يقتصر الصائم في صومه على الإمساك عن مفطّرات الصيام، إنّما يتجنّب كلّ المحرّمات الإلٰهية ويمتنع عنها أيضاً. وبذلك يضحى الإمساك عن المفطّرات هو شرط صحّة الصيام، أمّا اجتناب المحرّمات فهو شرط قبوله. ممّا لاشكّ فیه أنّ هذه الدرجة من الصیام تحتاج إلی مجاهدات وریاضات کثیرة، فلذا لاینالها سوی المجاهدین