269
مسند ابي بصير

أمرني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أن أعرض عليكم الإسلام ، فإن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون ولكم مالهم وعليكم ماعليهم ، وإلاّ فالحرب بيننا وبينكم ، قالوا له : أما واللاّت والعزّى لولا رحم بيننا وقرابة قريبة لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم ، فارجع أنت ومن معك واربحوا العافية ، فإنّا إنّما نريد صاحبكم بعينه وأخاه عليّ بن أبي طالب ، فقال فلان لأصحابه : ياقوم ، القوم أكثر منكم أضعافا وأعدّ منكم ، وقد ناءت داركم عن إخوانكم من المسلمين ، فارجعوا نُعلم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبحال القوم ، فقالوا له جميعا : خالفت يا فلان قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وما أمرك به فاتّق اللّه وواقع القوم ، ولا تخالف قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فقال : إنّي أعلم مالا تعلمون ، الشاهد يرى ما لايرى الغائب ، فانصرف وانصرف الناس أجمعون .
فأُخبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بمقالة القوم له وما ردّ عليهم فلان ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : يا فلان ، خالفت أمري ولم تفعل ما أمرتك به ، وكنت لي واللّه عاصيا فيما أمرتك ، فقام النبي صلى الله عليه و آله وسلم وصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : يا معشر المسلمين ، إني أمرت فلان أن يسير إلى أهل وادي اليابس ، وأن يعرض عليهم الإسلام ، ويدعوهم إلى اللّه فإن أجابوه وإلاّ واقعهم ، وإنّه سار إليهم وخرج إليه منهم مئتا رجل ، فإذا سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم ، وترك قولي ولم يطع أمري ، وإنّ جبرئيل أمرني عن اللّه أن أبعث إليهم فلانا مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس ، فسر يا فلانا على اسم اللّه ، ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك ، فإنّه قد عصى اللّه وعصاني ، وأمره بما أمر به الأوّل .
فخرج وخرج معه المهاجرون والأنصار الّذين كانوا مع الأوّل ، يقتصد بهم في سيرهم حتّى شارف القوم ، وكان قريبا منهم بحيث يراهم ويرونه ، وخرج إليهم مئتا رجل فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم للأوّل ، فانصرف وانصرف الناس معه ، وكاد أن يطير قلبه ممّا رأى من عدّة القوم وجمعهم ، ورجع يهرب منهم .
فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر محمّدا صلى الله عليه و آله بما صنع هذا ، وإنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه ، فصعد النبي صلى الله عليه و آله وسلم المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه وأخبرهم بما صنع


مسند ابي بصير
268

« وَ الْعَـدِيَـتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَـتِ قَدْحًا » ۱ ؟
قال : هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس !
قال : قلت : وما كان حالهم وقصّتهم ؟
قال : إنّ أهل وادي اليابس اجتمعوا اثنا عشر ألف فارس ، وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا على أن لا يتخلّف رجل عن رجل ، ولا يخذل أحد أحدا ، ولا يفرّ رجل عن صاحبه حتّى يموتوا كلّهم على حلف واحد أو يقتلوا محمّدا صلى الله عليه و آله وسلموعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فنزل جبرئيل عليه السلام على محمّد صلى الله عليه و آله وسلمفأخبره بقصّتهم ، وما تعاقدوا عليه وتوافقوا ، وأمره أن يبعث فلانا إليهم في أربعة آلاف فارس من المهاجرين والأنصار ، فصعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : يا معشر المهاجرين والأنصار ، إنّ جبرئيل أخبرني أنّ أهل وادي اليابس اثني عشر ألف فارس قد استعدّوا وتعاقدوا وتعاهدوا أن لا يغدر رجل بصاحبه ، ولا يفرّ عنه ولا يخذله حتّى يقتلوني وأخي عليّ بن أبي طالب ، وقد أمرني أن اُسيّر إليهم فلانا في أربعة آلاف فارس ، فخذوا في أمركم واستعدّوا لعدوّكم ، وانهضوا إليهم عليهم على اسم اللّه بركته يوم الإثنين إن شاء اللّه تعالى ، فأخذ المسلمون عدّتهم ، وتهيؤا ، وأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فلانا بأمره ، وكان فيما أمره به : إنّه إذا رآهم أن يعرض عليهم الإسلام ، فإن تابعوه وإلاّ واقعهم ، فيقتل مقاتليهم ويسبي ذراريهم ويستبيح أموالهم ، ويخرّب ضياعهم وديارهم .
فمضى فلان ومن معه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدّة وأحسن هيئة ، يسير بهم سيرا رفيقا حتّى انتهوا إلى أهل وادي اليابس ، فلمّا بلغ القوم نزول القوم عليهم ، ونزل فلان وأصحابه قريبا منهم ، خرج إليهم من أهل وادي اليابس مئتا رجل مدجّجين بالسلاح فلمّا صادفوهم قالوا لهم : من أنتم ؟ ومن أين أقبلتم ؟ وأين تريدون ؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتّى نكلّمه ، فخرج إليهم فلان في نفر من أصحابه المسلمين ، فقال لهم : أنا فلان صاحب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، قالوا : ما أقدمك علينا ؟ قال :

1.سورة العاديات ( ۱۰۰ ) ، الآيات ۱ ـ ۲ .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تحقیق: بشیر المحمّدی المازندرانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2849
صفحه از 610
پرینت  ارسال به