أمرني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أن أعرض عليكم الإسلام ، فإن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون ولكم مالهم وعليكم ماعليهم ، وإلاّ فالحرب بيننا وبينكم ، قالوا له : أما واللاّت والعزّى لولا رحم بيننا وقرابة قريبة لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم ، فارجع أنت ومن معك واربحوا العافية ، فإنّا إنّما نريد صاحبكم بعينه وأخاه عليّ بن أبي طالب ، فقال فلان لأصحابه : ياقوم ، القوم أكثر منكم أضعافا وأعدّ منكم ، وقد ناءت داركم عن إخوانكم من المسلمين ، فارجعوا نُعلم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبحال القوم ، فقالوا له جميعا : خالفت يا فلان قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وما أمرك به فاتّق اللّه وواقع القوم ، ولا تخالف قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فقال : إنّي أعلم مالا تعلمون ، الشاهد يرى ما لايرى الغائب ، فانصرف وانصرف الناس أجمعون .
فأُخبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بمقالة القوم له وما ردّ عليهم فلان ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : يا فلان ، خالفت أمري ولم تفعل ما أمرتك به ، وكنت لي واللّه عاصيا فيما أمرتك ، فقام النبي صلى الله عليه و آله وسلم وصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : يا معشر المسلمين ، إني أمرت فلان أن يسير إلى أهل وادي اليابس ، وأن يعرض عليهم الإسلام ، ويدعوهم إلى اللّه فإن أجابوه وإلاّ واقعهم ، وإنّه سار إليهم وخرج إليه منهم مئتا رجل ، فإذا سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم ، وترك قولي ولم يطع أمري ، وإنّ جبرئيل أمرني عن اللّه أن أبعث إليهم فلانا مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس ، فسر يا فلانا على اسم اللّه ، ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك ، فإنّه قد عصى اللّه وعصاني ، وأمره بما أمر به الأوّل .
فخرج وخرج معه المهاجرون والأنصار الّذين كانوا مع الأوّل ، يقتصد بهم في سيرهم حتّى شارف القوم ، وكان قريبا منهم بحيث يراهم ويرونه ، وخرج إليهم مئتا رجل فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم للأوّل ، فانصرف وانصرف الناس معه ، وكاد أن يطير قلبه ممّا رأى من عدّة القوم وجمعهم ، ورجع يهرب منهم .
فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر محمّدا صلى الله عليه و آله بما صنع هذا ، وإنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه ، فصعد النبي صلى الله عليه و آله وسلم المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه وأخبرهم بما صنع