تصدير
خلّف لنا نبيّنا الكريم وأهل بيته الطيّبين صلوات اللّه عليهم أجمعين تراثاً ضخماً وثروة عظيمة ، وصلت الينا من خلال رواة ثقاة أجلاّء علماء ، فتحمّلوه في فترة عصيبة من التأريخ الإسلامي ، ونقلوه إلينا بمعاناة شديدة وتحت ظروف اجتماعيّة وسياسيّة قاسية حتّمت عليهم التحفّظ والتقيّة في تعليمه ونقله للآخرين .
ولبعض هؤلاء الرواة كتباً حديثيّة مهمّة فضلاً عمّا حدّثوا به ورووه مشافهةً ، والذي وصل إلينا اليوم هو بعض مؤلّفاتهم الحديثيّة فحسب . بيد أنّ تجميع روايات كلّ شخصيّة من هذه الشخصيّات يمكن أن يفتح آفاقاً واسعة أمام البحوث العلميّة ، مضافاً إلى أنّ تأليف كتب المسانيد ـ الذي هو أول منهج في تدوين الحديث ـ له فوائد مهمّة نشير إليها باختصار فيما يلي:
۱ . معرفة المنزلة العلمية للراوي عند الأئمّة عليهم السلام :
ورد في رواياتنا عن أهل البيت عليهم السلام : «إعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنّا» ۱ فمن خلال ملاحظة روايات كلّ واحد من الرواة من زاويتي العدد والمضمون يمكن معرفة منزلة الراوي ، ومدى اعتماد الأئمّة عليه .
۲ . معرفة الجوّ الفكري السائد في زمن الراوي :
التدقيق في الخلافات الفكريّة القائمة بين معاصري الأئمّة عليهم السلام يعيننا على فهم الروايات الصادرة في ذلك العصر بشكل أدقّ ، وهذا ما أشار اليه الأئمّة عليهم السلامبقولهم : «لا يكون الرجل منكم فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا» ۲ .
۳ . معرفة الراوي من الناحية الفكرية :
علما باختلاف عصر الراوي معنا ، يمكن معرفة أفكار وعقائد الراوي وما تنطوي عليه نفسه وما يجري في خلده وما يهتمّ به من خلال التدقيق في أسئلته ، كما يمكننا من خلال هذا الطريق معرفة دقّته ومقدار علمه وفهمه وفقاهته ، وهذا طريق مفيد لمعرفة حال الرواة ،