الفصل الثاني: بيان حال القاسم بن يحيى
ذكرنا أنَّ القاسم بن يحيى ألَّف كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام وروى فيه « ۴۰۰ » حديث من أحاديث أمير المؤمنين عليه السلام عن جدّه الحسن بن راشد ، عن محمّد بن مسلم وأبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام .
ونحن في هذا الفصل نبين حال المؤلّف ، ثُمّ نذكر بعد ذلك حال الحسن بن راشد ومحمّد بن مسلم وأبي بصير.
قال النجاشي: «القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد: أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه ، قال : حدّثنا الحسين بن علي بن سفيان ، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى بن عبيد اللّه ۱
عن القاسم بن يحيى بكتابه». ۲
وقال الشيخ الطوسي في فهرسته : « القاسم بن يحيى الراشدي: له كتاب ، فيه آداب أمير المؤمنين عليه السلام ، أخبرنا به جماعة عن أبي المفضل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عنه ، وأخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عنه » . ۳
هذا في الكتب الفهرستية ، وأمّا في الكتب الرجالية فلم يذكر القاسم بن يحيى في رجال البرقي ، وكذلك لم يتعرّض له الكشّي فى رجاله ، نعم ذكره الشيخ الطوسي في رجاله تارةً في أصحاب الرضا عليه السلام بعنوان القاسم بن يحيى ۴ ، واُخرى فيمن لم يروِ عنهم . ۵
وقال ابن الغضائري:«القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد:مولى المنصور،روى عن جدّه، ضعيف» ۶ .
والظاهر أنَّ تضعيف ابن الغضائري راجع إلى المسائل السياسية ؛ لأنَّ القاسم بن يحيى كان مولى المنصور أحد خلفاء بني العبّاس . ۷
قال العلاّمة الحلّي : « القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد : ضعيف » . ۸
قال ابن داوود :«القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد ،مولى المنصور ،روى عن جدّه ، ضعيف». ۹
والظاهر أنَّ العلاّمة وابن داوود أخذا تضعيف القاسم بن يحيى من ابن الغضائري.
وقال المحقّق البهبهاني : « لا وثوق بتضعيف ابن الغضائري إياه ، ورواية الأجلة سيما مثل أحمد بن محمّد بن عيسى عنه تشير إلى الاعتماد عليه ، بل الوثاقة وكثرة رواياته والإفتاء بمضمونها يوده .
ويود فساد كلام ابن الغضائري في المقام عدم تضعيف شيخ من المشايخ العظام الماهرين بأحوال الرجال إياه ». ۱۰
وقال الشيخ الأنصاري بمناسبة ذكر حديث « ۱۲۲ » من هذا الكتاب: « لكن سند الرواية ضعيف بالقاسم بن يحيى لتضعيف العلاّمة له في الخلاصة وأنّ ضعَّف ذلك بعضٌ ۱۱ بإستناده إلى تضعيف ابن الغضائري ـ المعروف عدم قدحه ـ فتأمّل » . ۱۲
وقال السيّد الخوئي: « ويؤيد وثاقته حكم الصدوق ۱۳ بصحّة ما رواه في زيارة الحسين عليه السلام عن الحسن بن راشد وفي طريقه إليه القاسم بن يحيى ، بل ذكر أنّ هذه الزيارة أصحّ الزيارات عنده روايةً ». ۱۴
ثمَّ إنَّ القاسم بن يحيى من رجال كامل الزيارات ، ۱۵ والسيّد الخوئي على مبناه السابق ثبّت
وثاقة القاسم بن يحيى من هذا الطريق. ۱۶
فالحاصل أنَّ الرجل لم يضعّفه إلاّ ابن الغضائري وأشرنا أنَّ تضعيف ابن الغضائري راجع إلى المسائل السياسية ، كما أنَّ المحقّق البهبهاني والسيّد الخوئي ذهبا إلى وثاقته ، ونحن سنذكر الفصل الآتي شواهد على شهرة كتاب القاسم بن يحيى ، نتكلّم عن اعتماد الأصحاب على هذا الكتاب ، ونذكر أنّه ليست منافاة بين عدم الوثاقة المصطلحة للقاسم بن يحيى وبين اعتماد الأصحاب على كتابه.
وبما أنَّ القاسم بن يحيى روى أحاديث كتابه من طريق جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى شرح حال هؤلاء بما يناسب المقام .
1. المراد منه هو : محمّد بن عيسى بن عبيد اللّه بن عبيد اليقطيني .
2. رجال النجاشي : الرقم ۸۶۶ ، ولا يخفى عليك أنّ المراد من الحسين بن عبيد اللّه هو الغضائري ، كما أنّ المراد من الحسين بن علي بن سفيان هو البزوفري ، والمراد من محمّد بن أحمد بن يحيى هو الأشعري القمّي صاحب كتاب نوادر الحكمة المعروف بدبة الشبيب .
3. الفهرست : ص ۲۰۲ الرقم ۵۷۵ ، والمراد من أبي المفضل هو محمّد بن عبد اللّه بن محمّد الشيباني ، كما أنّ المراد من ابن بطّة هو محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطّة المؤدب القمّي ، والمراد من أحمد بن أبي عبد اللّه هو أحمد بن محمّد بن خالد البرقي .
4. رجال الطوسي : ص ۳۶۳ الرقم ۵۳۸۷ .
5. رجال الطوسي : ص ۴۳۶ الرقم ۶۲۴۵ ، ذكره بنفس العنوان إلاّ انَّه زاد: «روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى » .
6. رجال ابن الغضائري : ص ۸۶ .
7. هذا مضافا إلى أن الأصحاب قدحوا في تضعيفات ابن الغضائري .
8. خلاصة الأقوال : ص ۳۸۹ .
9. رجال ابن داوود : ص ۲۶۷ .
10. تعليقة على منهج المقال للوحيد البهبهاني : ص ۲۸۵ .
11. مراده هو الوحيد البهبهاني كما تقدّم .
12. فرائد الاُصول : ج ۳ ص ۷۱ .
13. كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۵۹۸ ، وقد قال : «وقد أخرجت في كتاب الزيارات وفي كتاب مقتل الحسين عليه السلام أنواعا من الزيارات واخترت هذه لهذا الكتاب ؛ لأنّها أصحّ الزيارات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية» .
14. معجم رجال الحديث : ج ۱۴ ص ۶۶ ، ثمَّ أفاد السيّد الخوئي : « إنّ القاسم بن يحيى لم توجد له رواية عن المعصوم عليه السلام بلا واسطة ، فصحّ عدّ الشيخ إياه فيمن لم يروِ عنهم عليهم السلام ، وأمّا عدّه في أصحاب الرضا عليه السلام فلابدّ وأن يكون من جهة المعاصرة فقط » .
ويلاحظ عليه : أنّه لم يصل إلينا حاليا رواية القاسم بن يحيى عن الرضا عليه السلام ، ولكن اطّلع شيخ الطائفة والجيل الذي عاصره على روايته عن الرضا عليه السلام ؛ لأنّ المصادر الأولية كانت بأيديهم .
15. كامل الزيارات : ص ۱۶۷ ح ۷ : « حدّثني أبي عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثوير ، قال : كنت أنا ويونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام ، فكان المتكلّم يونس وكان أكبرنا سنا . . . قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إنّ أبا عبد اللّه عليه السلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن...» .
16. «إنّ القاسم بن يحيى ثقة لشهادة ابن قولوية....» ، معجم رجال الحديث : ج ۱۴ ص ۶۶ .