95
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

على وجه آخر مخالف له ، بحيث يوجب اختلاف الحكم . فلابُدّ لنا حينئذٍ من اختيار أحد النقلين المتعارضين لمزيّة توجب ترجيحه ، وأهمّ مزية توجب رجحان نقل على نقل آخر ، الترجيح بصفات الرواي .
وبعد هذا يجب علينا معرفة مراتب مؤلّفي الكتب الأربعة في الضبط والإتقان ، وأنّه هل وقع من بعضهم تصرف في نقل بعض الأخبار أو السهو الّذي تجاوز حدّ المعمول؟ وقد تكلم الشارح في كلّ ذلك وأوضح الأمر بما يكفي للباحث . وإليك أهمّ عباراته ، منها :
«الّذي يظهر من التتبع أنّ الاعتماد على الكليني أكثر ، وبعده على الصَدوق ، وبعده على الشَّيخ ، وإن كان فضل الشَّيخ غير مخفي ، وليس لأحد فضله ، لكن باعتبار كثرة التصانيف قد يقع منه السهو أو من نساخ كتابه باعتبار الإهمال بخلاف الكليني ، فإنّه صنّف الكافي في عشرين سنة ، والصَدوق وسط بينهما ، فإنّه وإن كان كثير التصنيف أيضاً ، لكن تصانيف الشَّيخ أكثر أو أشكل ، فإنّ جمع الأخبار أسهل من تصنيف مثل التبيان والمبسوط والنهاية ، وغيرها كما لا يخفى» . ۱
ومنها : قوله في كتاب الصلاة (باب سجدة الشكر والقول فيها) بعد نقل رواية رواها الشَّيخ ومقايسة تلك الرواية بالكيفية الّتي نقلها الصَدوق ، ما لفظه : «والظاهر أنّه سقط لفظة «يعني» من قلم النساخ أو من قلم الصَدوق ، وعلى تقدير عدم السقط يكون الغرض من قول ابن أبي عمير تأييداً بروايته بفعله أيضاً وهو بعيد ، والظاهر أنّ هذه الإجمالات من التغييرات كما هو شأن الصَدوق كثيراً» . ۲
ومنها : قوله في كتاب الطهارة (باب الصلاة على الميت) بعد تأييد فتوى الصَدوق بنقل ما رواه الكليني والشَّيخ ، ما لفظه : «والظاهر أنّ الصَدوق فهم من هذا الخبر أنّه

1.روضة المتقين ، ج۱ ، ص ۲۸۵ .

2.المصدر السابق ، ج ۲ ، ص ۳۸۵ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
94

ثمّ لا يخفى أنّ كثرة الغُلاة وسائر الفاسدين في المذهب في ذلك الزمان شيء معروف فمن يُراجع ترجمة الرجال في رجال النجاشي والفهرست للشَّيخ الطوسي يصدّق ذلك . وقد علّل الشَّيخ في مقدّمة الفهرست لزوم ذكر عقائد مؤلّفي الشيعة وما قيل فيهم من التعديل والتجريح ، بانتحال كثير من مصنفي أصحابنا المذاهب الفاسدة . ۱

تنبيه

ذكر الشارح هنا أنّ مشايخنا القُدَماء نقلوا عن أبي سمينة ما كان صحيحاً وطرحوا ما كان باطلاً . ومن المعلوم أنّ قوله هذا لا يختص بهذا الرجل الغالي ، بل هو يعتقد أنّ مثل هذه الغربلة جرت على سائر الغُلاة أيضاً ، والدليل التامّ على هذا التعميم اعتقاده صحَّة روايات الكتب الأربعة وجميع كتب الصَدوق . ثمّ لا يخفى أنّ قوله هذا «تهذيب روايات الغُلاة» ينافي قوله في ترجمة كثير من المنسوبين إلى الغلوّ كسهل بن زياد ۲ وجابر بن يزيد الجعفي ۳ ، بأنّه لم يجد ولم يطلع على رواية تدلّ على غلوّهم ؛ لأنّ ذلك القول يستلزم عدم تهذيب روايات الغُلاة ، وإمكان وجود أباطيلهم في الكتب الأربعة .

مراتب مؤلّفي الكتب الأربعة في الضبط والإتقان

نعلم أنّ الأخبار المنقولة في الكتب الأربعة قد يقع التعارض بينها من جهة كيفية النقل بمعنى أنّ الخبر قد يُروى مرّة في الكافي مثلاً بزيادة كلمة ، ويُروى نفس الخبر مرّة اُخرى في الفقيه بنقصان تلك الكلمة . وكانت الكلمة ممّا تؤثر في المعنى وتختلف بزيادتها أو نقصانها الحكم ، أو يُروى في الكافي مرّة على وجه ، ومرّة اُخرى في التهذيب

1.اُنظر : الفهرست ، ص ۲.

2.نظر : روضة المتّقين ، ج ۱۱ ، ص ۱۰۷ ـ ۱۰۸ .

3.اُنظر : روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۷۷ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5551
صفحه از 296
پرینت  ارسال به