ثمّ لا يخفى أنّ كثرة الغُلاة وسائر الفاسدين في المذهب في ذلك الزمان شيء معروف فمن يُراجع ترجمة الرجال في رجال النجاشي والفهرست للشَّيخ الطوسي يصدّق ذلك . وقد علّل الشَّيخ في مقدّمة الفهرست لزوم ذكر عقائد مؤلّفي الشيعة وما قيل فيهم من التعديل والتجريح ، بانتحال كثير من مصنفي أصحابنا المذاهب الفاسدة . ۱
تنبيه
ذكر الشارح هنا أنّ مشايخنا القُدَماء نقلوا عن أبي سمينة ما كان صحيحاً وطرحوا ما كان باطلاً . ومن المعلوم أنّ قوله هذا لا يختص بهذا الرجل الغالي ، بل هو يعتقد أنّ مثل هذه الغربلة جرت على سائر الغُلاة أيضاً ، والدليل التامّ على هذا التعميم اعتقاده صحَّة روايات الكتب الأربعة وجميع كتب الصَدوق . ثمّ لا يخفى أنّ قوله هذا «تهذيب روايات الغُلاة» ينافي قوله في ترجمة كثير من المنسوبين إلى الغلوّ كسهل بن زياد ۲ وجابر بن يزيد الجعفي ۳ ، بأنّه لم يجد ولم يطلع على رواية تدلّ على غلوّهم ؛ لأنّ ذلك القول يستلزم عدم تهذيب روايات الغُلاة ، وإمكان وجود أباطيلهم في الكتب الأربعة .
مراتب مؤلّفي الكتب الأربعة في الضبط والإتقان
نعلم أنّ الأخبار المنقولة في الكتب الأربعة قد يقع التعارض بينها من جهة كيفية النقل بمعنى أنّ الخبر قد يُروى مرّة في الكافي مثلاً بزيادة كلمة ، ويُروى نفس الخبر مرّة اُخرى في الفقيه بنقصان تلك الكلمة . وكانت الكلمة ممّا تؤثر في المعنى وتختلف بزيادتها أو نقصانها الحكم ، أو يُروى في الكافي مرّة على وجه ، ومرّة اُخرى في التهذيب