93
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

الّذين كانوا تارة ينقلون من الكتب ، وتارة ينقلون من المعصوم عليه السلام عملوا بأخبارهم أمّا بما رووه قبل الفساد ، وأمّا لموافقة أخبارهم لأخبار الاُصول السابقة كأُصول زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد ، وأبي بصير ، والفضيل ، وأمثالهم .
والّذي يظهر من التتبع هذا المعنى ، واضطراب بعض الأصحاب في العمل بأخبار أمثالهم تارة والردّ اُخرى ، لعدم التدبّر» . ۱

اضطرار المشايخ الثلاثة في النقل عن الغُلاة وتهذيب رواياتهم

تقدّم آنفاً أنّ المشايخ الثلاثة قد استفادوا من كتب بعض الضُعَفاء والفاسدين في المذهب في الكتب الأربعة ، وأنّ عذرهم في ذلك اُمور تقدّم ذكرها وكان منها حُسن ترتيب كتبهم ، فيقع في ذهن الباحث قلّة وجود الكتب المرتبة الّتي كان مؤلّفوها مستقيمين على مذهب الإمامية واضطرار القُدَماء إلى النقل والاستفادة عن كتب الفاسدين في المذهب ، وهذا شيء قبله الشارح وأكّده سيّما بالنسبة إلى الغُلاة ، حيث يقول في شرح المشيخة ـ بعد ترجمة محمّد بن علي الكوفي الّذي يلقّب أبا سمينة حين شرح طريق الصَدوق إلى هارون بن خارجة ـ : «واعلم أنّه مذكور في كثير من الأخبار ، لكِنّ الظاهر أنّه واقع في مشايخ الإجازة كما هنا ولهذا ساهلوا ۲ في أمره مع أنّهم ذكروا عنه ما كان صحيحاً وطرحوا ما كان باطلاً ، وكانوا يعرفون الصحيح من الباطل بالموافقة للجمع عليهم أو كانوا يطرحون ما يدلّ على الغلوّ في زعمهم ، بل ما يشعر بالغلو ويتمسك بها الغُلاة ، وكان في ذلك الزمان الغُلاة كثيراً ولهذا اضطروا بأمثال ذلك» . ۳

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۹۴ . وللتفصيل اُنظر : ج ۱۴ ، ص ۴۷ و۳۵۴ .

2.كذا ، والظاهر : تساهلوا .

3.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۲۹۳ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
92

منها : قوله في شرح طريق الصَدوق إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة ، فإنّه قال ـ بعد نقل عبارات عُلَماء الرجال في تضعيف الرجل ـ : «والظاهر أنّ الطعون باعتبار مذهبه الفاسد ، ولهذا روى عنه مشايخنا ، لثقته في النقل مع أنّ أمثاله لم يلق الأئمّة عليهم السلامحتّى ينقلوا عنهم عليهم السلام وإنّما كانوا ينقلون عن الكتب ، وكانت الاُصول عندهم وكانت غير مرتبة وكتبهم مرتبة ، فلهذا ينقلون عنهم أو لكونهم من مشايخ الإجازة غالباً ولا يبالون بضعفهم» . ۱
ومنها : قوله في شرح طريق الصَدوق إلى علي بن أبي حمزة البطائني ، فإنّه قال ـ بعد نقل عبارات عُلَماء الرجال في فساد مذهبه ـ : «يمكن أن يكون العمل ۲ لموافقة أخباره أخبار الثقات ، أو لكونه ثقة في غير ما يتعلّق بمذهبه الباطل أو لكون الأخبار نقلت عنه حال الاستقامة» . ۳
ومنها : قوله في ترجمة علي بن الحسن بن علي بن فضال ـ بعد نقل عبارات الرجاليين في كونه ثقة فطحياً ـ : «ذكر الشَّيخ في العدّة أنّ الطائفة عملت بما رواه بنو فضال ، والطاطريون ، وعبداللّه بن بكير ، وسماعة ، وعلي بن أبي حمزة ، وعثمان بن عيسى . ۴ واعلم أنّ الأصحاب إنّما عملت بأخبارهم لكون أكثرهم نقلة الأخبار عن الاُصول وكتبهم عين كتب القُدَماء ، لكنّها مرتبة وكانوا يقابلون مع الاُصول ، فلما وجدوها بعد المقابلة صحيحة عملوا عليها مع فساد مذهبهم ، وعلي بن الحسن من هذا الباب .
ولهذا جعلنا أخباره في المُوَثَّقات كالصحاح ، ومثل عثمان بن عيسى من الجماعة

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۹۵ .

2.أي عمل الطائفة بأخباره.

3.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۸۶ .

4.العدّة في اُصول الفقه ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5497
صفحه از 296
پرینت  ارسال به