الّذين كانوا تارة ينقلون من الكتب ، وتارة ينقلون من المعصوم عليه السلام عملوا بأخبارهم أمّا بما رووه قبل الفساد ، وأمّا لموافقة أخبارهم لأخبار الاُصول السابقة كأُصول زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد ، وأبي بصير ، والفضيل ، وأمثالهم .
والّذي يظهر من التتبع هذا المعنى ، واضطراب بعض الأصحاب في العمل بأخبار أمثالهم تارة والردّ اُخرى ، لعدم التدبّر» . ۱
اضطرار المشايخ الثلاثة في النقل عن الغُلاة وتهذيب رواياتهم
تقدّم آنفاً أنّ المشايخ الثلاثة قد استفادوا من كتب بعض الضُعَفاء والفاسدين في المذهب في الكتب الأربعة ، وأنّ عذرهم في ذلك اُمور تقدّم ذكرها وكان منها حُسن ترتيب كتبهم ، فيقع في ذهن الباحث قلّة وجود الكتب المرتبة الّتي كان مؤلّفوها مستقيمين على مذهب الإمامية واضطرار القُدَماء إلى النقل والاستفادة عن كتب الفاسدين في المذهب ، وهذا شيء قبله الشارح وأكّده سيّما بالنسبة إلى الغُلاة ، حيث يقول في شرح المشيخة ـ بعد ترجمة محمّد بن علي الكوفي الّذي يلقّب أبا سمينة حين شرح طريق الصَدوق إلى هارون بن خارجة ـ : «واعلم أنّه مذكور في كثير من الأخبار ، لكِنّ الظاهر أنّه واقع في مشايخ الإجازة كما هنا ولهذا ساهلوا ۲ في أمره مع أنّهم ذكروا عنه ما كان صحيحاً وطرحوا ما كان باطلاً ، وكانوا يعرفون الصحيح من الباطل بالموافقة للجمع عليهم أو كانوا يطرحون ما يدلّ على الغلوّ في زعمهم ، بل ما يشعر بالغلو ويتمسك بها الغُلاة ، وكان في ذلك الزمان الغُلاة كثيراً ولهذا اضطروا بأمثال ذلك» . ۳