ما ذكره الصَدوق هو متون الأخبار المسندة فلا يظن به أنّه اجتهاده ، بل اجتهاد الأخباريين ترجيح بعض الأخبار على بعض للقرائن الّتي تظهر لهم في الصحَّة أو الأصحية ...» . ۱
دأب القُدَماء على العمل بأخبار تكررت في الكتب بأسانيد مختلفة
صرّح جمع من العُلَماء بأنّ الحديث ينقسم عند القُدَماء إلى صحيح وضعيف ، فكلّ حديث تكرر في أصل أو أصلين ( فصاعدا ) من الاُصول المعتبرة والكتب المعتمدة بأسانيد مختلفة ، يطلقون عليه تسمية الصحيح ، لأنّ ذلك عندهم كاشف عن وجود أصل للحديث . وبالتكرار يخرج الحديث عن حدّ الغرابة ويصير مستفيضاً ، ويعدون ما يقابل ذلك ـ وهو الحديث الّذي لم يشتهر نقله في الاُصول والكتب المعتبرة ـ ضعيفاً .
ثمّ إنّ الكليني والصَدوق رحمهماالله قد سلكا هذا المنهج حيث كانا على رأس القُدَماء . وقد سار المتأخّرون على منهج القُدَماء عن طريق تتبع كتبهم . ومن المواضع الّتي يستفاد منها ذلك المنهج قول الصَدوق في كتاب الوصية (باب الوصي يمنع الوارث ماله . . . ) حيث قال ـ بعد نقل حديث عن الكليني ـ ما نصّه : «قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : ما وجدت هذا الحديث إلاّ في كتاب محمّد بن يعقوب ، وما رويته إلاّ من طريقه ، حدّثني به غير واحد ، منهم محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضى الله عنه عن محمّد بن يعقوب» . ۲
ويقول الشارح في توضيح كلام الشَّيخ الصَدوق ومنهج القُدَماء في تصحيح الأخبار والعمل بها ما لفظه : «لما كان دأبهم في العمل بالخبر تكرره في الكتب بأسانيد مختلفة وبه يصير الخبر أمّا متواتراً أو مستفيضاً ، ولو لم يكن كذلك كان خبراً واحداً ولا