المقدّمة
من الطبيعي أنّ سنّة الرسول صلى الله عليه و آله والأئمّة المعصومين عليهم السلام تعدّ ـ من بعد القرآن الكريم ـ أثمن جوهرة أودعها الباري تعالى عند هذه الاُمّة . وهذا ما يوجب على كلّ مسلم الحفاظ على هذه الجوهرة الثمينة على أفضل وجه . ونحن نعلم بأنّ أعظم من حافظ على سنّة الإسلام وشريعته هم المحدّثون والفقهاء خاصّة ، اُولئك الّذين ركّزوا اهتمامهم على علم الرجال وفقه الحديث .
إنّ التحقيق حول رواة الشيعة وتدوين سيرتهم له تاريخ أقدم من علم الفقه ؛ وذلك لأنّ أهم ما كان يشغل بال المحدّثين في عصر المتقدّمين ، هو جمع الروايات وتهذيبها وتنقيتها من المنحولات والمجعولات ، ونادراً ما كانوا يؤلّفون كتاباً مستقلاً يسطّرون فيه شرحاً للأحاديث ، ويمكن دراسة فهمهم للأحاديث من خلال النظر في العناوين الّتي وضعوها لأبواب كتبهم الحديثية ، وكذا من الرسائل الّتي كتبوها لعموم الناس في مجال الفقه .
لقد اُنجزت في حقل علم الرجال أعمال تسترعي الانتباه ، ولكن من المؤسف أنّ الكثير منها ـ ممّا كان قد كتب في عصر المتقدّمين ـ قد ضاع ، وأمّا المتبقّي منها فلا يخلو من الغموض والإبهام من قبيل عدم الفهم القطعي لبعض مصطلحاتهم .
وفي ضوء ما تكوّن لدى العلماء المتأخّرين من إدراك سليم للأمرين المُشار إليهما ،