77
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

من المصادر المعتبرة كافٍ لنا للاعتماد على روايات الكتب الأربعة ، ولا نحتاج إلى تصحيح الروايات حسب اصطلاح المتأخّرين .
صرّح الشارح بكلّ ذلك وبرهن عليه في مواضع :
منها : قوله في ابتداء شرح المشيخة بعد نقل موضع الاستشهاد من ديباجة الكافي ، فقال : «الّذي يظهر من الصَدوقين أنّهما يعلمان صدور هذه الأخبار الّتي في الكافي والفقيه عن المعصومين عليهم السلام فكأنّهما سمعا من الأئمّة عليهم السلام تلك الأخبار ، والصحيح بهذا المعنى أعلى من الصحيح باصطلاح المتأخّرين بمراتب شتّى» . ۱
ومنها : قوله في خاتمة شرح مشيخة الفقيه حيث قال : «وكان له [ أي الكليني ]إلى الكتب طرق كثيرة فربما ينقل إليها طرقاً ثلاثة ، وربما ينقل اثنين أو واحداً صحيحاً أو ضعيفاً على رأي المتأخّرين ، بل لا نحتاج إلى الطريق إلاّ للأصحية ؛ لأنّه حكم أولاً بصحَّة أحاديث الكافي كالصَدوق ، ولا ريب أنّ الظن الّذي يحصل من قوله أقوى من الظن الّذي يحصل من أقوال أصحاب الرجال ، وكلّ من تدبّر في كتابه يحصل له العلم بأنّه كان مؤيداً من عند اللّه تعالى في ضبط الأخبار وترتيبها .
وكذلك ما ذكره شيخ الطائفة في آخر كتابيه أنّه روى هذه الأخبار عن الكتب المعتمدة والاُصول المعتبرة الّتي كان مدار الطائفة على العمل بها ، ولاريب في اشتهار هذه الكتب من مصنفيها وأنّ ذكر طرقه إليها في آخر الكتابين وفي فهرسنه لمجرد التيمّن والتبرّك .. . ولو تدبّر متدبّر في قوانين القُدَماء في أنّهم كانوا لا ينقلون في كتبهم ، إلاّ ما كان معلوم الصدور عن الأئمّة المعصومين ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ وكانوا يجردون كتبهم عن الأخبار الشاذة كخبر الشهادة الّذي تقدّم في خبر ابن العذاقر ۲

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۰ ـ ۱۱ .

2.لم أعثر عليه .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
76

الفصل الثالث : مشايخ الحديث وكتبهم

قد عَرَفتَ في الفصل الأوّل أنّ أصحابنا الإمامية كتبوا منذ حياة أمير المؤمنين عليه السلام حتّى عصرنا الحاضر المؤلّفات الكبيرة والصغيرة في الحديث ، وعلمت أنّ الاُصول الّتي ألّفها أصحاب الأئمّة عليهم السلام ضاعت ولم تصل إلى المتأخّرين ، وإنّما وصلت إلينا الكتب الأربعة وهي الّتي جمعت ورتبت فيها كثير من روايات الاُصول والكتب المعتبرة .
فبعد هذا يجب علينا معرفة مدى اعتبار الكتب الأربعة ومراتب مؤلّفيها في الضبط والإتقان ، ونشرع الآن في بيان رأي الشارح حول ذلك .

صحَّة روايات الكتب الأربعة

يعتقد الشارح أنّ الكليني فعل كما فعل الصَدوق رحمهماالله في الحكم بصحَّة أحاديث كتابه واستفاد ذلك من ديباجة الكافي ، وأمّا الشَّيخ بما أنّه ذكر في آخر كتابيه التهذيب والاستبصار أنّه روى الأخبار عن الكتب المعتمدة والاُصول المعتبرة ، فقد استفاد الشارح في أنّ روايات التهذيبين أيضاً لا تقصر عن الصحَّة .
ثمّ إنّه يعتقد أنّ حكم الصَدوقين بصحَّة كتابيهما وقول الشَّيخ بأخذه الروايات

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5463
صفحه از 296
پرینت  ارسال به