67
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

باستفادة المتأخّرين من رجال ابن داوود مع وجود رجال النجاشي والفهرست للشَّيخ الطوسي عندهم .

أسباب ضياع الاُصول والكتب المعتمدة

لاريب في أنّ الاُصول بموادها الأصلية باقية ضمن المجاميع القديمة (مثل الكتب الأربعة) ولم تبق على هيئتها الأولى إلاّ القليل منها بسبب تعرضها للتلف والضياع ، وأوّل تلف وقع فيها إحراق عندما كان منها موجوداً في مكتبة « سابور » بالكرخ عندما دخل السلاجقة بقيادة طغرل بيك ـ أول ملوكهم ـ بغداد سنة ۴۴۸ ه ، وأحرقوا محلات الكرخ ، وكانت المكتبة مجاورة للسوق ، فسرت النيران إليها فاُحرق ما فيها ، ولكن من المعلوم أنّ هذا وما كان من قبيله ليس العامل الأصلي لضياع الاُصول ، ويبقى هناك سؤال في ذهن المبتدئ عن العامل الأكبر ويسأل : لماذا وصلت إلينا الكتب الأربعة ولم تصل إلينا مصادرها وهي الاُصول مع أنّها ـ كلّها ـ باقية في زمان الشَّيخ ، فكيف وقع التلف بها تدريجياً ولم يقع بالكتب الأربعة؟
وقد كشف الشارح النقاب عن العامل الأساسي لضياع الاُصول وأجاب عن هذا السؤال بما يسكن به النفس ، فقال : « .. .. وكانت الاُصول عند ثقة الإسلام ورئيس المُحَدّثين وشيخ الطائفة ، وجمعوا منها هذه الكتب الأربعة ولمّا اُحرِقت كتب الشَّيخ وكتب المُفيد ، ضاعت أكثرها وبقي بعضها عندهم حتّى إنّه كان عند ابن إدريس طرف منها وبقي إلى الآن بعضها ؛ لكن لما كان هذه الأربعة كتب موافقة لها وكانت مرتبة بالترتيب الحَسِن ، ما اهتموا غاية الاهتمام بشأن نقل الاُصول .
وكنت أنا أضعف عباد اللّه محمّد تقي أردت في عنفوان الشباب أن اُرتب الكتب الأربعة بالترتيب الأحسن ، لأنّها مع ترتيبها كثيراً ما ينقلون الخبر في غير بابه ، وصار سبب الاشتباه على بعض أصحابنا بأنّهم كثيراً ما ينفون الخبر مع وجوده في


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
66

إذاً ننقل نصّ كلامه في ذلك المشتمل على دليل استظهاره لئلاّ يخفى شيء على الباحث .
يقول الشارح في أوائل الروضة ـ بعد قوله بأنّ مرسلات الفقيه يجب أن تحمل على أنّ الصَدوق وجدها في اُصول الثقات، وإن كان الظاهر أنّه أخذها عن الكافي بعد المقابلة مع الاُصول ـ : «والظاهر أنّ عمل الطائفة على تصانيف الطاطريين والبني فضاليين وأضرابهم من الواقفية والفطحية والعامة كان لموافقة الاُصول الأربعمئة وجودة تصانيفهم ، فإنّ أخبار الاُصول كانت منتشرة غاية الانتشار ، فإنّهم كلما يسمعونه من المعصوم كانوا يكتبون في الكتب .
ولهذا تراهم ينقلون من هذه الكتب مع وجود الاُصول عندهم كما في زماننا ، بل زمان مُتقَدّمينا أيضاً بالنسبة إلى كتب الرجال ، كما ترى الشهيد الثاني رحمه الله والمحقّق الثاني رضى الله عنه يمدحان رجال الحسن بن داوود بجودته، مع أنّ أغلاطه أكثر من أن تحصى على ماهو الظاهر عند الملاحظة والمقابلة مع الاُصول ، ۱ ولكِنّ الظن بالقُدَماء المقابلة مع الاُصول كما يظهر في تتبع أحوالهم» . ۲

ينبغي التنبيه على أمرين :

۱ . إنّ مراد الشارح هنا من أنّ عمل الطائفة على تصانيف الواقفية والفطحية ، كما هو الواضح ليس انحصار مصادر القُدَماء على تصانيف هذه الجماعة ، بل كلامه هذا صدر من باب التغليب .
۲ . إنّ النقل من الجوامع المعتبرة مع وجود المصادر الأولية أمر رائج في كلّ علم ولا يختص بعلم (كالحديث) دون علم آخر ، كما رأيت تمثيل الشارح

1.أي الاُصول الرجالية .

2.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۳۳ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5439
صفحه از 296
پرینت  ارسال به