63
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

كالحسين بن سعيد كانت من الاُصول وإن لم يذكروها بخصوصها لإغناء نقل الإجماع أو ما يقاربه عن ذلك ، فإنّا تتبعنا أنّ مع كتبهم تصير الاُصول أربعمئة ، فإنّ الجماعة الّذين ذكرهم الشَّيخ ـ رحمة اللّه عليه ـ أنّ لهم أصلاً يقرب من مئتي رجل ۱ ، وأهل الإجماع كالحسن بن محبوب ذكروا أنّ كتبه الثلاثين كانت معتمد الأصحاب ، لهذا ترى أنّ الصَدوق نقل في كتبه الأخبار عنه أكثر من غيره سيّما في هذا الكتاب ، فإنّ رواياته عن ابن محبوب يقرب من أربعمئة» . ۲
فكما ترى هذه المحاولة تناسب ما قدّمه الشارح في تعريف الاُصول من حيث صحّتها وعدم وجدان الأصحاب الغلط فيها . فإذاً كتب أصحاب الإجماع ومن قيل في ترجمته : «له كتاب معتمد عليه» أو ما يشابه ذلك ، تعدّ على رأي الشارح من الاُصول لوجود المناط، وهو الاعتبار واعتماد الأصحاب عليها .

تقسيم الاُصول إلى قسمين من جهة الاعتبار

يقول الشارح ـ بعد نقل خبر وقع في سنده صفوان عن إسحاق بن عمّار ـ : «الظاهر أنّ إسحاق بن عمّار اثنان ، أحدهما ثقة ليس بفطحي وهو ابن عمّار بن حيّان الصيرفي ، وثانيهما ابن عمّار بن موسى الساباطيّ ، وهو وإن كان فطحياً ، لكنّه ثقة وله أصل معتمد عليه من الاُصول الأربعمئة ، بل أخص منها لأنّ الاُصول الأربعمئة منها ما كان معتمداً لجميع الأصحاب ، ومنها ما كان معتمداً للأكثر ، وهذا من القسم الأوّل ؛ لأنّه يعبر عن الأوّل بقولهم : «له أصل معتمد عليه» ، وعن الثاني بقولهم : «له أصل» .
فبهذه الاعتبارات لا ينقص عن الصحيح ، بل الظاهر من القُدَماء أنّهم يقدمون أمثال هذه الأخبار على كثير من الصحاح ، ولذلك تراهم يضعفون خبر عمّار

1.قلنا إنّ الشَّيخ لم يذكر أكثر من سبعين أصلاً ، وهذا سهو من قلمه الشريف .

2.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۴۲ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
62

من هذه الكتب أربعمئة كتاب وسمّوه بالاُصول وأجمعوا على صحّتها ، أمّا لكون رواتهم من الّذين اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، أو كان الكتب معروضة على الأئمّة عليهم السلام وكان متواتراً عندهم تقرير المعصوم لها ، إلى غير ذلك من الوجوه الّتي ذكرناها» . ۱
فيرى الناظر في تلك العبارات :
أولاً : أنّ الشارح كالمُفيد لم يحصر مؤلّفي الاُصول الأربعمئة في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
ثانياً : أنّ الوجه في تسمية هذه الكتب اُصولاً هو صحّتها وعدم عثور الأصحاب على غلط فيها مع تقرير الأئمّة لها . ولذلك أجمعوا على العمل بما فيها .
ثالثاً : أنّ الأصحاب المعاصرين لمؤلّفي الاُصول هُم الّذين سمّوا هذه الكتب اُصولاً ، والظاهر من العبارة الثانية أنّ اعتبار هذه الكتب وتسميتها اُصولاً وقع في عهد الإمامين الكاظم والرضا عليهماالسلام .

كيف صارت الاُصولُ أربعمئةً ؟

وقد تقدّم أنّ الشارح يعتقد ـ كما يعتقد مشهور العُلَماء ـ أنّ عدد الاُصول أربعمئة ، لكِنّ الباحث في الكتب المدرجة في فهرس تصانيف الشيعة لا يظفر بهذا العدد ، فإنّ ما ذكره النجاشي من الاُصول لم يتجاوز سبعة اُصول ، والشَّيخ في الفهرست لم يُسَمِّ أكثر من سبعين أصلاً مع أنّه ضمَّن في ديباجة الكتاب أنّه سيأتي حسب وسعها على ذكر جميع المصنّفات في هذا المجال ، ولكنّه لم يستوف جلّها فضلاً عن كلّها .
ثُمَّ إنّ الشارح حاول حلّ هذه المعضلة بصورة جيّدة فقال : «الّذي ظهر لنا من التتبع أنّ كتب جماعة أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عنهم أو من كان مثلهم

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۲ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5398
صفحه از 296
پرینت  ارسال به