267
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

«ولكن بعض من لا معرفة بهم ينكر أمثال هذه الأخبار ؛ لأنّه ليس له المناسبة المعنويّة والمعرفة الكاملة بهم» ۱ .
ولهذه الملاحظة وجه آخر أيضاً وهو لو أنّ أحداً كانت لديه الأهلية لهذا الفهم واستطاع التوصل إلى إفهام وإن كانت محتملة الصدق ، لا يمكنه أن يعتبر فهم الآخرين حجّة عليه . وهذا يعد في حالات عديدة مانعاً عاماً ومهمّاً خاصّة إذا كان الفهم المذكور متعلّقاً بمحدّث جليل بمثل هذه المنزلة .
ومع أنّ المجلسي رحمه الله لا يبدي أيّ تعصّب وقاطعيّة إزاء ما توصل إليه من فهم حدسي ، ويقول في بعض الحالات بعد الانتهاء من فوائده وشروحه الصحيحة ، واللّه يعلم . ۲
ولكنّه لم يتأثّر بفهم الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله مع ما له من عظمة ، وحيثما وجد كلام الصَّدوق رحمه اللهغير مقنع ، عزم على البحث والعثور على الفهم الصحيح للحديث ، ويقدّم فهمه من خلال عمل فقهي واستخدام القواعد الفقهية وشروح الفقهاء . ۳

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۳۵۴ .

2.راجع شرحه على حديث : لا يسأل في قبره إلاّ من محّض الإيمان محضا ، أو محّض الكفر محضا ، والباقون ملهوّ عنهم إلى يوم القيامة . ولعلّ تردّد المجلسي رحمه الله هنا ناجم عن وجود أخبار معارضة.

3.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۴۳۲ ، استند المجلسي رحمه الله إلى قاعدة «قطع الصلاة محرّم » ، وقال بعدم صحّة فهم الصَّدوق في التخيير بين قطع الصلاة واستئنافها ثانية ، وإتمام الصلاة ثُمَّ إعادتها . تجدر الإشارة إلى أنّ القضية تتعلّق بالإتيان بجنازة اُخرى أثناء الصلاة على الجنازة الاُولى .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
266

وأنّ لإزالة المانع أهمية بقدر أهمية توفير المتطلّبات ، ولذلك فإنَّ الكثير من المحدّثين والفقهاء والعلماء المسلمين وغير المسلمين بيّنوه وذكروا بشأنه كثيراً من التوجيهات والتحذيرات .
وأحد الموانع المهمة في فهم الحديث وهو ممّا يختصّ به فهم المتون المقدّسة ، عدم تساوي مستوى معلومات المخاطب وقارئ الحديث مع مافيه من مضامين ، ففي حالة تقارب مستوى الفهم والحد الوجودي بين المخاطب والقائل الّذي يعد مصداقاً لـ : «كلّم الناس على قدر عقولهم» يتيح للقائل مجالاً للتحدّث عن معارف قيّمة أو حافلة بالأسرار .
أمّا في حالة تباعد هذين المستويين ، فالنتيجة التورية والتقية والكتمان ، وقد كان الأئمّة عليهم السلام ، فضلاً عن الالتفات إلى هذه الاُمور ورعايتها في التخاطب والحوار ، فقد صرّحوا بها أحياناً عند الإجابة .. . والمثال على ذلك تفسير كلمة «التفث» في الآية المتعلّقة بأعمال الحجّ «لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ » ۱ حيث صرّح الإمام الصادق عليه السلام لابن ذريح بأنّ معناها الباطني لقاء الإمام ، في حين أنّه لم يخبر ابن سنان بهذا المعنى . ۲
يتحقّق قسم من هذا التقارب الوجودي والروحي إلى ساحة المتحدّثين المعصومين من خلال المعرفة التوحيدية والتربية الأخلاقية واكتساب الكمال الروحي . وهذه الملاحظة يؤكّدها بعض العارفين والمحدّثين ، وكانت موضع تجربة من قبل بعض المعاصرين ، وهذا ما يعتقد به المجلسي رحمه الله أيضاً الّذي يعد من العارفين السالكين والواصلين ، وهو يرى أنّ إنكار بعض الأحاديث نتيجة لعدم وجود هذا التناسب ، ويرى المجلسي رحمه الله في تعليقه على حديث رؤية المحتضر للإمام علي عليه السلام إنّ الّذين لا يفهمون هذا الحديث وينكرونه لاحظّ لهم من هذه المعرفة ، ويقول ما يلي :

1.الحجّ : ۲۹ .

2.الكافي ، ج ۴ ، ص ۵۴۹ ، ح ۴.

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5561
صفحه از 296
پرینت  ارسال به