الفصل الرابع : كلمة حول موانع فهم الحديث
إنّ لفهم معنى الحديث قواعد ومنهج مثل أي متنٍ آخر ذي معنى ، ولا يمكن فهمه بأي معنى كان ، وهذا الفهم يتطابق مع مقصود القائل والكاتب ، أو يقترب منه على الأقل فيما إذا كان يتّبع المنهج العقلائي السائد في فهم المتون ، ولا يقع في دوّامة الموانع والآفات ، إذ إنّه في مثل هذه الحالة ينتهي به المطاف إلى سوء فهم الحديث .
إنَّ عدم الاعتناء بهذا المنهج العقلائي وبالعوامل الّتي توفّر متطلبات فهم الحديث ، تحول دون تحقيق هذه المهمّة ، ونحن ملزمون بتوفير هذه المتطلّبات باعتبارها تمثل الجانب الأساسي للسبب الوجودي لفهم الحديث بشكل صحيح .
ولكننا إذا أغفلنا العوامل الّتي تحول دون فهم الحديث بشكل صحيح ، وتمنع ما يقتضيه من التأثير ، ولم نزِلها ، فمن الطبيعي أن تفشل التمهيدات والاستعدادات الّتي اُجريت لتحقيق عملية فهم الحديث ، ولا تُتاح لنا فرصة التوصّل إلى فهم صحيح له ، ونفقد كُلّ ما حصلنا عليه من مقوّمات لإنجاح هذا العمل ، وبعبارة اُخرى : إنّ عدم المانع الّذي يتألّف من توفر العلّة التامّة من المقتضي وعدم وجود المانع ، يُعتبر الجزء الثاني والسبب الوجودي للفهم . والفهم الصحيح للحديث يتوقّف على كسب المؤهلات الأساسية واللازمة لفهمه وتنقية الذهن من الموانع الّتي تحول دون ذلك .