261
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

وكذلك الأخبار الّتي تأمر بوجوب الكفارة في حالة مجامعة المرأة الحائض . ۱
وهناك أيضاً حالات الحمل على الكراهة والنهي التنزيهي . فقد حمل المجلسي رحمه اللهالأخبار الّتي تنهى عن الغسل بغسالة الحمّام الّتي كانت تجتمع عادة في البئر ، حملها على الكراهة . وقد استعان طبعاً في إثبات هذا الجمع بالأخبار المتعارضة الّتي أخذها من المجموعات الروائية ، كما استفاد أيضاً من التعليل الوارد في ذيلها للتوضيح . ونحن ننقلها برمّتها .
الرواية الاُولى عن حمزة بن أحمد الّذي يعتبر في علم الرجال مجهولاً ، وفي هذه الرواية كان هو أو ربّما شخص آخر قد سأل الإمام الكاظم عليه السلام عن الحمّام ، ونقل جواب الإمام كما يلي : ادخله بمئزر ، وغضّ بصرك ، ولا تغتسل من البئر الّتي يجتمع فيها ماء الحمّام ، فإنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت ، وهو شرّهم . ۲
الرواية الاُخرى نقلها الكليني بسند مرسل إلى الإمام الكاظم عليه السلام بهذا المضمون ولا تختلف عن سابقتها إلاّ في العبارات ، وجاء النصّ الّذي هو موضع بحثنا فيها على النحو التالي : و لا تغتسل من البئر الّتي تجتمع فيها غسالة الحمّام . . . ۳ . وقد نقل المجلسي رحمه اللهروايات اُخرى في هذا الموضوع أيضاً بعضها فقهي ، وبعضها الآخر طبّي ويشير أيضاً إلى الأضرار الناتجة عن مثل هذا العمل ومثل هذا الاغتسال ، ثُمَّ عرض الروايات الدالة على جواز الاغتسال بماء الحمّام ، وجاء بأحاديث تعتبر ماء الحمّام بمثابة الماء الجاري لتأييد هذه الرواية . وتوصّل عن طريق ذلك إلى حلٍّ للجمع بين الأخبار . وفي الختام حمل النواهي الواردة في هذا المجال على الكراهة . ونصّ كلام المجلسي كما يلي : «ويمكن الجمع بأنّ الأخبار السابقة ظاهرها الماء القليل المجتمع من غسالة الناس ،

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۰۱ ، ص ۲۰۴ ، وص ۲۶۱.

2.تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۳۷۳ ، ح ۱۱۴۳ .

3.الكافي ، ج ۳ ، ص ۱۴ ، ح ۱ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
260

والترابط الهادف . ۱
لقد ابتعدنا قليلاً عن صلب الموضوع . ونورد فيما يلي مجموعة من الأمثلة للحالات الّتي انثنى فيها المجلسي رحمه الله عن الأخذ بالمعنى الظاهري للخبر بسبب تعارض الأخبار ، وحمل الأمر الوارد فيها على الاستحباب ، والنهي على الكراهة . نورد ابتداءً أمثلة من الحمل على الاستحباب .
المثال الأوّل : حول الفأرة الّتي نعلم طهارتها ، وهي ليست كالكلب والخنزير اللذين هما نجسان ذاتياً . فهناك روايات عديدة دالّة على هذا المعنى بعضها نقلها الشَّيخ الصَّدوق في «كتاب الطهارة» من مجموعته الحديثية ، وبعضها الآخر نقلها المجلسي رحمه الله في شرحه على تلك المجموعة . ۲ وجاءت في مقابلها رواية عن علي بن جعفر سأل فيها أخاه الإمام موسى الكاظم عليه السلام ما يلي : «سألته عن الفأرة الرطبة قد وقعت في الماء تمشي على الثياب أيصلّى فيها ؟ قال : اغسل ما رأيت من أثره وما لم تره فانضحه بالماء ».
إذ يُستدل من الأمر بغسل الثياب للصلاة على تنجّسها بسبب مشي الفأرة عليها ، وهذا يعني بالنتيجة أنّ الفأرة نجسة أيضاً ، لكن المجلسي استند إلى الأخبار الكثيرة من المجموعة الاُولى الّتي تثبت طهارة الفأرة وقال : «إنّها محمولة على الاستحباب جمعا مع أنّ الغسل سيّما للصّلاة أعمّ من النجاسة» . ۳
وأخذ المجلسي رحمه الله بهذا الاحتمال أيضاً في رواية تأمر بغسل الثياب من رطوبة المذي ، ورواية تأمر بإعادة الصلاة الّتي تُصلّي في ثوب نجس وفي حالة الاضطرار ،

1.اُنظر : البيان في تفسير القرآن ، ترجمة نجمي و هريسي ، قم : دار نشر مهر ، ۱۳۹۵هـ ، ص ۹۳.

2.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۷۲ .

3.المصدر السابق ، واُنظر : ص ۷۳ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5668
صفحه از 296
پرینت  ارسال به