الصَّدوق في هذا المقام على هذه القاعدة يحتاج إلى نوع تكلّف ؛ لأنّه ليست الأحوال بمختلفة ، بل النهي يحتمل الحرمة والكراهة ، فلمّا ورد نهي وورد خبر بالجواز ، علمنا أنّ النهي للتنزيه لكنّهم ـ صلوات اللّه عليهم ـ إن أطلقوا النهي ، فإنّما يطلقون ؛ بالنظر إلى شخص يفهم من كلامهم الكراهة وبالنظر إلى شخص لا يفهم أو ليس قرينة يفهم ، يصرّحون بها وبالنظر إلى شخص لا يناسب حاله مثل الفضلاء من أصحابه من أهل الورع والتقوى يطلقون ؛ لأنّهم يعلمون أنّهم يعملون بالواجب والمندوب أيّهما كان وينتهون عن الحرمة والكراهة ، مهما كان وإذا لم يكونوا في هذه المرتبة يرخّصون لهم أو بحسب اختلاف أحوالهم في الضرورة وغيرها ، وإذا أخذت هذه القاعدة يسهل لك توجيه الاختلافات وهذا الوجه وراء ما ذكره الأصحاب في كتب الاُصول من العام والخاص والمطلق والمقيّد والمحكم والمتشابه وغيرها ، ونحن بعون اللّه نبيّن لك في كُلّ اختلاف ما تيسّر» . ۱
وبعبارة أوضح : أنّ المجلسي رحمه الله لا يقر أنّ نتف الشيب يجوز لبعض الناس ولا يجوز للبعض الآخر ، ولا يراه كالخضاب ، مُستحبّاً في حالة الزينة وفي حالة قلّة عدد المسلمين ، وهو لا يستحب ولا ينبغي الأخذ به في حالة الحزن والمصيبة على شهادة شخصيات ورجال الإسلام ، كما حصل في معركة صفّين ، ۲ بل هو يتناول دراسة حال الراوي والمخاطب من زاوية اُخرى ، وهي طريقة إلقاء وبيان الأئمّة عليهم السلام في أحكام العزائم والرخص . فالإمام لا يرى نفسه ملزماً بالتحدّث صراحة مع من يستطيع فهم كراهة أو جواز أمر ما من خلال الرجوع إلى القرينة ، ولا بعدم استخدام الأمر في