بنقل الجو الجانبي المحيط بالقضية ، ونادراً ما يأتي على وصف كُلّ الأحوال والظروف والملابسات الّتي تقع إلى جانب الكلام ، وحتّى لو أنّه أراد ذلك فمن غير الواضح أنّه يستطيع الإلمام بجميع جوانب وظروف الكلام ، ثُمَّ تغطيتها كلّها أثناء نقل الكلام . وهذا كلّه يتوقّف على النقل الصحيح والأمين للرواة اللاحقين وبقاء المتن سالماً من التصحيف والتحريف الّذي قد يقع عمداً أو سهواً ، والتقطيع غير الصحيح وغير السليم .
إحدى القرائن المقامية ، هي وضع وحال مخاطب الإمام المعصوم عليه السلام . فقد كان الأئمّة عليهم السلام يأخذون بنظر الاعتبار وضع الراوي والمخاطب عملاً بحديث : كلّم الناس على قدر عقولهم . ۱ وبناءً على ما تقتضيه فصاحتهم وبلاغتهم ، فكانوا يتفوّهون بكلامهم بما يتناسب مع مقتضى حاله . وبناءً على ذلك فإنّ الكلام الّذي يتناسب مع وضعه وحاله يختص به ، ومن يعيشون في وضعه ويشابهونه فيه ، فالحديث يتّصف بالعمومية ضمن هذه الحدود فقط ، ولا يشمل حال جميع المكلّفين ومن لا يعيشون في هذا الوضع الخاص .
وبعبارة اُخرى : حتّى لو كان حكم الإمام عاماً وشاملاً ، وحتّى إن جاء على شكل قضيّة طبيعية وحقيقية ، ويشمل كُلّ مصداق وفرد من موضوعه ويمتد حتّى إلى الأفراد الّذين سيأتون إلى الوجود في المستقبل ، ولكن إذا كان حال المخاطب ووضعه الخاص يدخل ضمن الموضوع ، وجعل فيه كشرط وقيد ، فالأفراد الآخرون في غير ذلك الوضع خارجون منه بالذات ، ولعلّ هذه الملاحظة الّتي أكّد عليها المجلسي رحمه اللهأيضاً ، تكشف عن سر اختلاف الأحاديث في مدح وذم أعمال ، مثل : المزاح والجوع والأكل والخوف والرجاء. فلعلّ مخاطب الإمام كان قليل المزاح وكان عبوساً، ولذلك