ذكرت العلّة لبيان مصلحة الحكم .
تجدر الإشارة إلى أنّ تعميم وتخصيص الحكم استناداً إلى العلّة المذكورة في الكلام ، أو ما يُصطلح عليه في علم الاُصول باسم «العلّة المنصوصة» تابع بحد ذاته للقواعد العقلية لظاهر الكلام ، وهذا ما يتكفّل ببحثه علم اُصول الفقه . ۱ غير أنّ معظم الفقهاء وعلماء علم اُصول الفقه أقروا التعميم والتعدية الحاصلة من التعليل . ۲ ولم يطرحوا إلاّ آراءً متفاوتة ، ولكن متقاربة بشأن قواعدها وشروطها . ۳ ونشب بينهم جدل أكثر فنيّة ودقّة حول التخصيص ، وهذه البحوث مضافاً إليها التفاوت بين «العلة المنصوصة» و«العلّة المستنبطة» ، والتفاوت الأساسي بين التعليل والقياس ـ الّذي لا يعتبر حجّة عند الشيعة ـ يمكن تتبّعها في مضانّها ، أي في علم اُصول الفقه . ۴
ونحن نعرض هاهنا مثالاً مقبولاً من روضة المتّقين ، فقد وسّع المجلسي الأوّل عند شرحه حديث الاتّكاء في الحمّام ، حكم هذا الحديث بسبب التعليل الموجود في متنه . ندرج فيما يلي متن الحديث وشرحه وهما كفيلان بتوضيح كُلّ شيء ، قال الصادق عليه السلام : لا تتّك في الحمّام ، فإنّه يذهب (يذيب) شحم الكليتين . . . . ۵
قال المجلسي الأوّل في شرح هذا الحديث ما يلي :«يدلّ على كراهة الاتكاء في الحمّام ، بأن يضطجع ويستلقي ، وظاهره الأعمّ من الاتّكاء باليد أيضاً ، لكن التعليل
1.راجع : مبادئ الوصول إلى علم الاُصول ، للعلاّمة الحلّي ، ص ۲۱۷ ؛ اُصول الفقه ، محمّد رضا المظفّر ، ص ۵۳۷ .
2.على سبيل المثال ، راجع : رسائل الشهيد الثاني ، ص ۸ : «قد تحقّق في الاُصول أنّ العلّة المنصوصة تتعدّى إلى كُلّ ما تحقّق فيه العلّة» . راجع أيضاً : جواهر الكلام ، ج ۲۸ ، ص ۴۱۷ وج ۳۴ ، ص ۱۳۲ ؛ كتاب الصلاة ، للشَّيخ الأنصاري ، ج۲ ، ص ۳۱۹ ؛ مصباح الفقاهة ، للخوئي ، ج ۴ ، ص ۴۳ ؛ وعند أهل السنّة ، راجع : نيل الأوطار ، للشوكاني ، ج ۸ ، ص ۲۰۸ ؛ فتح الباري ، لابن حجر ، ج ۹ ، ص ۵۳۶ ؛ البرهان ، للزركشي ، ج ۳ ، ص ۹۱ .
3.راجع : عدّة الاُصول ، للشَّيخ الطوسي ، ج ۲ ، ص ۶۵۷ ؛ الحدائق الناضرة ، ج ۱ ، ص ۶۳ ـ ۶۵ .
4.اُصول الفقه ، ص ۵۳۸ ؛ مصباح الفقيه ، للهمداني ، ج ۱ ، ص ۴۳۳ ؛ قوانين الاُصول ، للقمّي ، ص ۳۷۴ و۴۵۸ ؛ فوائد الاُصول ، ج ۳ ، ص ۱۵۴.
5.كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۱۶ .