233
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

التردد يأتي من حديث : إنّما الماء من الماء . ۱ الّذي استند إليه الأنصار ، ولكن لم يقبله المهاجرون وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام حيث اعتبروه منسوخاً . وذهب البعض إلى القول بأنّ الحصر فيه إضافي ، وهو في مقابل مداعبة المرأة ، الّتي تؤدّي إلى إنزال المذي وليس المني ، وهو لا يتعلّق بالدخول الّذي يوجب لوحده الغُسل . والجدل الآخر الّذي ينشب هنا هو على فرض قبول أنّ الدخول سبب للغسل ، فهل الدخول في دبر المرأة يوجب الغسل كما يوجبه الدخول في القّبل؟ أم ينبغي اعتبار الدخول المتداول في قبل المرأة فقط موجباً للغسل بناءً على الأحاديث الّتي تعتبر التقاء الختانين موجباً للغسل؟ يرى المجلسي الأوّل رحمه اللهأنّ الحديث الّذي نقله الحلبي فيما يخصّ هذا الجدل الثاني مجملاً ومحايداً ويتساوى فيه احتمال أن يكون الحديث متعلّقاً بالتفخيذ وعدم الإنزال والغسل فقط ، أو أنّه يشمل الدخول في الدبر أيضاً . وقال ما يلي في توضيح معنى عبارة السائل : «فيما دون الفرج» ـ وفي نسخة اُخرى : «فيما دون ذلك» ـ : «أي يفخذها ، أو الأعمّ منه ومن وط ء الدبر . . . ، وللإجمال لا يمكن الاستدلال به من الطرفين ، ولمّا كان في وقت السؤال ، كان القرائن الحالية والمقالية ، ولم تنقل حصل الإجمال» . ۲
لقد التزم المجلسي رحمه الله بهذا المبدأ . ونحن نشرح فيما يلي الأنواع الثلاثة المتداولة من القرائن الداخلية ، أي : تعليل الإمام ، وسؤال الراوي وفهمه ، ونعرض أمثلة لها .

القرائن الداخلية لفهم المقصود

أـ تعليل الإمام

إحدى القرائن الداخلية المؤثرة في فهم الحديث ، هي العلّة الّتي ذكرها الإمام عليه السلام

1.تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۸۴ ، ح ۲۲۰ و ص ۱۹۹ ، ح ۳۱۴ .

2.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۳۷ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
232

نتوصّل إلى نتيجة ـ رغم وجود القرائن ـ فلا مناص من الأخذ بالإجمال، وليس لنا ابتداع احتمالات غير عرفية وحمل على معانٍ نأتي بها من عند أنفسنا . والعبارة محل الشاهد هنا تتعلّق بترك ظهور ثلاثة ألفاظ هي : «الوجوب» ، و«لا يجوز» ، و«ينبغي» . فقد شرح عبارة الصَّدوق في المتن الّتي يقول فيها : «وغسل يوم الجمعة سنّة واجبة» ۱ . على النحو التالي : «ظاهره أنّه ثبت وجوبه من السنّة ويحتمل أن يكون جمع لفظتي السنّة والواجب الّذين وردا في الأخبار ولم يجزم بإحديهما وإن كان بعيدا ، لكنّه غير مستبعد منهم ، كما عرفت مرارا كثيرا من إطلاق الواجب على المستحبّ والنهي على المكروه والحرام عليه والمكروه على الحرام واستعمال «ينبغي» في الواجب واستعمال «لا يجوز» في المكروه ، كما ورد في الأخبار والاستبعاد باعتبار الأنس باصطلاح الفقهاء والأصوليين ، ولكلّ قوم اصطلاح ويظهر مرادهم من القرائن فإن لم يظهر فالأخبار غير معلوم ولا ثمرة في العلم بمرادهم» . ۲
نشرح هذا البحث في تعارض الأخبار بمزيد من التفصيل . ونورد هنا مثالاً لإظهار الطريق المغلق الّذي ينتهي إليه الإجمال والإبهام عند عدم الحصول على قرائن حالية ومقالية «مقامية ولفظية» . وهو ما أشار إليه المجلسي نفسه وأورده في شرح أحاديث باب «صفة غسل الجنابة» . وفيما يلي نص الحديث المجمل الّذي يدخل في عداد منقولات عبيد اللّه بن علي الحلبي عن الإمام الصادق عليه السلام ، وجاء بشكل سؤال وجواب : وسئل عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج ، أعليها غسل إن هو أنزل ولم تنزل؟ قال : ليس عليها غسل ، وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل . ۳
مجال الإجمال هنا هو هل الإدخال يوجب غسل الجنابة؟ أم إنزال المني؟ وهذا

1.كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۱ ص ۶۱ ، ذيل الحديث ۳ .

2.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۸۸ .

3.كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۴۷ ، ح ۸ (۱۸۴) .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5488
صفحه از 296
پرینت  ارسال به