والمعنى الاصطلاحي ، من النهوض بشرح أحاديث يلفّها الغموض أو عدم القبول بسبب احتوائها ألفاظاً اصطلاحية . فالمجلسي الأوّل رحمه الله يعلم جيداً بأنَّ المعنى الاصطلاحي وإن كان كثير الاستخدام لا يمكنه على الدوام وفي كُلّ الأحوال إزاحة المعنى اللغوي والأوّلي وتنحيته كليّاً ، ولذلك فسّر كلمة «الطلاق» في الحديث التالي بمعنى الترك ، وليس بمعنى الانفصال القانوني والحقوقي بين الزوج والزوجة : علي عليه السلام في رجل تزوّج امرأةً فوجدها برصاء أو جذماء ، قال : إن كان لم يدخل بها ولم يبيّن له ، فإن شاء طلّق و إن شاء أمسك . . . . هنا استعان المجلسي بعلم الفقه الّذي يعتبر عيب البرص والجذام موجباً لفسخ عقد النكاح وليس جواز الطلاق ، فقال : «فيحمل الطلاق على المعنى اللغوي» ۱ ، أي أنّ الرجل يستطيع تركها وليس تطليقها .
۳ . المجاز
هذه المشكلة موجودة أيضاً بشكل أعقد في الاستعمالات المجازية والكنائية . ففي الاستعمالات المجازية ، إضافة إلى المعنى الظاهر ، هناك أيضاً تصوير ذهني يكمن بين طيات الكلام ، تربطه بذهن المخاطب روابط ممتدّة ولكنّها وثيقة ، وأمّا الألفاظ الّتي جاءت على اللسان فليست إلاّ ممراً للانتقال إلى ذلك العالم المجازي والمقاصد الخفية . وبعبارة اُخرى : أنّ الطيات الخفية بين ثنايا الجمل والصياغات لا تظهر كلّها تماماً ، بل يُشار إلى قرائنها فقط . وهذا التعقيد في اللغة يتطلب معرفة ثقافة كلّ لغة . وكان المجلسي الأوّل رحمه اللهمدركاً لهذه الحقيقة تمام الإدراك فهو عند شرح هذه الصياغات يذهب إلى ماهو أبعد من المتن ولا يكتفي بشرح المسمّيات وتفسيراتها اللغوية .
يقتفي المجلسي رحمه الله خُطا المحدّثين والمتكلمين المعتدلين والمتقدّمين الشيعة