في التصحيف ناتج عن الفهم العقلي بأنّ الخصي لا يمكن أن يكون له ولد أو يُحبل امرأة . وهذا ما يُسهّل المجال أمام الشارح للحكم بالتصحيف بكلّ بساطة .
والمثال الآخر على هذا هو حديث : تستحبّ عرامة الغلام في صغره ليكون حليما في كبره . عرامة الغلام أي مشاكسة وسوء سلوك الصبي في الصغر تكون سبباً لحكمه وحسن سلوكه في الكِبَر . وبغض النظر عن صحّة وسقم محتوى هذا الحديث ، لا يمكن وضع «الغرامة» بدلاً من «العرامة» فيه . ومن هنا فقد حكم المجلسي رحمه اللهبتصحيف النسخة المنقوطة . ۱
۳ . العثور على تمام المتن
الشيء الآخر الّذي يمكن اعتباره مانعاً آخر يحول دون الحصول إلى أصل المتن هو تقطيع الرواة متن الحديث ، وهو ما يُعد أكبر مانع يحول دون فهم الحديث ؛ وذلك لأنّ هذا العمل يتسبب في حذف القرائن السياقية . ومع أنّ بعض التقطيعات تجرى بصورة فنية ودقيقة ، بحيث يحافظ النصّ على المعنى الّذي كان عليه قبل التقطيع ، ولكن هناك تقطيعات كثيرة تؤدّي إلى عدم الفهم أو إلى سوء الفهم .
المثال الواضح للتقطيع ، النصوص الّتي اختارها الشريف الرضي في نهج البلاغة . فقد نظر برؤية أدبية إلى ما نقله الرواة من خطب ورسائل الإمام عليه السلام ؛ ولهذا فهو لم ينقل الكثير من الجُمل . وقد التفت المجلسي رحمه الله إلى هذه النتيجة ولذلك فهو عندما شرح خطبة الوسيلة لم يعوّل على نهج البلاغة ولم يعتمد على ما نقله الصَّدوق في الأمالي ، وإنّما قارن هذه المتون بالنقل الكامل للكليني وقال : « وفي الكافي زيادات ، وكانّ المصنّف (أي الصَّدوق) انتخب هذه الكلمات منها ؛ لأنّه رواها في الأمالي . . .» . ۲