205
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

من مسّ ميّتا واجب » الّتي جاءت في إحدى نسخ كتاب من لا يحضره الفقيه «وفي بعض النسخ ، وفي نسخ التهذيب ، «غسل من غسّل» بدله ۱ والمراد به المسّ أيضا» .
والمثال الآخر الّذي يدلّ على الجهود الواسعة للمجلسي في الاطّلاع على نسخ متعددة لتحقيق لفظة واحدة أو مقطع قصير من متن حديث ، وهو ما يُعتبر من مصاديق النوع الثاني ، أي تحقيق متن الحديث اعتماداً على الأحاديث الاُخرى .
يتضح المصداق الآخر لهذا الجهد فيما قام به عند شرحه لخطبة الوسيلة للإمام علي عليه السلام . فقد قارن المجلسي رحمه الله كُلّ متن هذه الخطبة المطوّلة في كتاب من لا يحضره الفقيه مع ثلاثة كتب اُخرى ، هي : نهج البلاغة ، والكافي ، وأمالي الصَّدوق ، ثُمَّ بيّن فروقاتها واحداً واحداً بكلّ صبر وأناة ، يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال : «مفتضحات النوائب» بدلاً من «مفظعات النوائب» ، و«لا نصب أوضع من الغضب» بدلاً من «لا نسب .. . » ، و«وإن سعد بالرضا» بدلاً من «أو أسعده بالرضا» في نهج البلاغة . ۲
وقد كشف المجلسي رحمه الله ـ عن طريق هذه المراجعات الكثيرة إلى النسخ المختلفة ـ عن كثير من سقطات ونواقص وزيادات النُسّاخ والرواة الّتي تجعل إسناد أو فهم الحديث يواجه صعوبة عسيرة ، وأشار إلى كُلّ واحد من هذه الموارد ، فقال في باب الطهارة عند شرحه لحديث : لما دخل الناس في الدين أفواجاً أتتهم الأزد .. . : «والظاهر أنّه سقط من العبارة شيء ، ويؤيّده ما رواه الصَّدوق في العلل» . ۳
وسبب هذا التحقيق والإرجاع إلى كتب ونسخ اُخرى ، هو النقل المباشر لهذه القضية من قبل الإمام الصادق عليه السلام الّذي لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه و آله ولم يشهد واقعة

1.أي بدلاً من «المسّ» «الغسل» . وجاء على هذا النحو أيضاً في النسخ المطبوعة ، اُنظر : كتاب من لايحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۴۵ .

2.روضة المتّقين ، ج ۱۳ ، ص ۱۶۹ ـ ۱۷۳ ؛ وللاطّلاع على مثال آخر اُنظر : ج ۱۳ ص ۶۱ وج ۸ ص ۱۰ و۵۴.

3.المصدر السابق ، ج ۱ ، ص ۱۷۲ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
204

۱ . الالتفات إلى النسخ المتعددة

من أفضل طرق إحراز صحّة المتن والاطمئنان نسبياً إلى أنّ الحديث صادر عن الإمام المعصوم عليه السلام هو الاطّلاع على نسخ متعددة ، ومشاهدة المرويات المختلفة للرواة وكتب الحديث .
النسخ المتعددة تشمل عادة مدوّنات مختلف الكتّاب طيلة عهود النسخ والاستنساخ عن الكتب ، ولكن عند الكثير من المحقّقين والمحدّثين تنحصر النسخ فيما ذكرناه ، بل إنّ مَرويّات كتابين حديثيين عن راوٍ واحدٍ وعن طريق وسند واحد ، يمكن اعتبارهما نسخ متعددة للمتن وتقع في عرض واحد . ومعنى ذلك أنّ ما نقله الكليني والصَّدوق في مواضع متعددة يمكن اعتباره نسخاً متعددة للحديث الواحد ، ومن طريق أولى أنّ ما نقله الصَّدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه يمكن أن يساعد في تصحيح متن علل الشرائع أو بالعكس .
وهناك أمثلة ذكرها محمّد تقي المجلسي رحمه الله في كلا هذين النوعين ، فقد قال عند توضيحه حديث : نعم العون الأدب للنحيزة : «أي النفس ، فإنّ العبادات الظاهرة لطف في العبادات الباطنة من الإخلاص والشكر . . . وفي بعض النسخ «للخيرة» أي الأخيار» . ۱
وذكر في هذا المجال حول مقدار الدم المعفوّ عنه في الصلاة ، العبارات التالية : «وإن كان الدم دون حمصة فلا بأس . . . وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة والصاد المهملة بمعنى أخمص وكأنّه تصحيف» . ۲
والمثال الثالث الّذي يبيّن بكلّ وضوح أهمية النظر إلى النسخ البديلة في فهم الحديث وأخذ النتيجة منه ، هو ما يتعلّق بغسل مس الميّت . فقد قال في عبارة «وغسل

1.روضة المتّقين ، ج ۱۳ ، ص ۴۸ .

2.المصدر السابق ، ج ۱ ، ص ۲۱۵ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5542
صفحه از 296
پرینت  ارسال به