اسم كتابه منها أيضاً .
وفي بعض الحالات تكون للفهم المغلوط للحديث نتيجة أسوء من عدم فهمه ورؤيته وسماعه . فالاتجاهات المنحرفة والفرق والنحل الّتي تحسب نفسها على الدِّين ، إنّما ظهرت نتيجة لسوء فهم المتون الدينية وخاصة الحديث . ويؤيد هذا المعنى ما جاء على لسان العالم والمحدّث الشيعي الكبير في القرن الرابع ، وهو الشَّيخ النعماني ۱ في مقدّمة كتابه المعروف باسم الغَيْبة :
«لعمري ما اُتي من تاه وتحيّر وافتتن وانتقل عن الحق وتعلّق بمذاهب أهل الزخرف والباطل إلاّ من قلّة الرواية والعلم وعدم الدراية والفهم ، فإنّهم الأشقياء لم يهتمّوا لطلب العلم ولم يُتعبوا أنفسهم في اقتنائه وروايته من معادنه الصّافية على أنّهم لو رووا ، ثمّ لم يدروا لكانوا بمنزلة من لم يرو ، وقد قال جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام : إعرفوا منازل شيعتنا عندنا على قدر روايتهم عنّا و فهمهم منّا ، فإنّ الرواية تحتاج الدراية و خبر تدريه خير من ألف خبر ترويه » . ۲
وفي ضوء ما تقدّم من التحذيرات صرّح المرحوم المجلسي الأوّل رحمه الله في هذا السياق بما يلي : «لا تكن ممّن ينقل الأخبار ولا يفهم معانيها أو يفهمها ولا يتفكّر في عواقبها» . ۳
وانطلاقاً من هذه الأهمية ، وممّا مرَّ في تعريف فقه الحديث ، يمكننا أن ندرك بشكل أفضل مدى أهمية الجهود الّتي بذلها محمّد تقي المجلسي الأوّل رحمه الله طيلة مدّة حياته وأنجز خلالها عملاً يُعتبر من باكورة نتاجات شرح الأحاديث . وهنا يتّضح معنى الكثير من كتابات وكلمات وجهود المجلسي الأوّل رحمه الله وأبحاثه الّتي استغرقت منه كثيراً
1.أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني ، المشهور بابن أبي زينب ، (ت ق ۴) .
2.الغيبة ، للنعماني ، ص ۲۲ (المقدّمة) .
3.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۳۴۹ .