الفصل الأوّل : فقه الحديث ومكانته
المدخل
يعدّ محمّد تقي المجلسي الأوّل رحمه الله من المحدّثين المتبحّرين والفقهاء ، إذ إنّه لم يتوقّف عند حدِّ نقل الروايات ، وإنّما عقد العزم على شرح وبيان الكثير من الأحاديث وكشف عمّا فيها من زوايا غامضة ولطائف خفيّة ، وقد استخدم في سبيل تحقيق هذه الغاية كُلّ ما كان لديه من خزائن علومه سخّر الأدب والفقه والاُصول والتفسير من أجل استخراج هذه البدائع العميقة المغزى . واتّبع في هذا السبيل قواعد لم يصرّح بها إلاّ أنّها غير خافية ، وقد حاولنا من خلال استخراج هذه القواعد وصياغتها في منهج منطقي منتظم ، وتبويب ما بذله من جهود في موضوع فقه الحديث ضمن دائرة شرحه الكبير روضة المتّقين .
كتاب روضة المتّقين عبارة عن شرح كتبه باللغة العربية على كتاب من لا يحضره الفقيه الّذي يُعد واحداً من كتب الحديث الأربعة عند الشيعة .
من الخصائص الّتي يتّسم بها كتاب من لا يحضره الفقيه وتبعاً له روضة المتّقين هو أنّها تضم إضافة إلى الأحاديث الفقهية ، أحاديث أخلاقية ومواعظ ، وهي تنمّ عن مقدرة الشارح في كلا هذين الحقلين الواسعين ؛ أي حقل الفقه وحقل الأخلاق . وقد ألقينا نظرة