153
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

كتاب معاني الأخبار للصدوق .
وعلى العموم في الكثير من الحالات هناك قرائن تفيد العلم ، والظاهر أنّ مثل هذا الخبر يجب العمل به ، كما يقول أكثر العُلَماء .
الثالث : خبر الواحد ، وهو الخبر الّذي لا يحصل العلم به سواء كان راويه شخصاً واحداً أو ألف شخص ، وإذا نقل ثلاثة أشخاص أو أكثر خبراً وحصل منه ظن متاخم للعلم وقريب منه ، يُسمّى هذا الخبر مستفيضاً . وهو من أفراد خبر الواحد . وهناك من لا يقرّون حجّية خبر الواحد ، لكنّ البعض منهم يعتبرون هذا النوع حجّة وغيره ليس بحجّة ، وهناك جماعة لا يقرّون حجيّة كلا القسمين ، ويستدلّون على ذلك بالآيات والأخبار الّتي نهت عن اتباع الظن وكلّ ما لا يفيد العلم .
والأظهر هو أنّه يمكن العمل بخبر الواحد ؛ لأنّه كان مدار أصحاب الأئمّة المعصومين ـ صلوات اللّه عليهم ـ طيلة زمن مديد يربو على مئتي سنة . وكان كلّ واحد من أصحاب أئمة الهدى ـ صلوات اللّه عليهم ـ متى ما وصله خبر منهم كان يعمل به ، من غير أن ينظر إلى التواتر أو الآحاد . وكان أئمة الهدى يأمرون شيعتهم بأخذ أحاديثهم عنهم والعمل بها من غير فرق بين المتواتر والمحفوف بالقرائن والمستفيض وخبر الواحد ، إلاّ عند الضرورة حينما يكون هناك معارض للخبر ، وأمروا الكثير من أصحابهم بالرجوع إلى الأصحاب ، والحال أنّ نهاية صفتهم الوثاقة والفضل والعلم .
وقد كتبتُ رسالة في هذا الباب تضم الأخبار المتواترة الدالة على حجّية أخبار الآحاد ، وظواهر الآيات أيضاً تدلّ على ذلك مثل الآية « فَلَوْلاَ نَفَرَ » كما مر ، والآية «إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» أي إذا جاءكم فاسق بخبر تأملوا فيه ولا تعملوا به حتّى يظهر لكم صدقة ، ومفهوم هذه الآية هو إذا جاءكم غير الفاسق أو العادل بخبر لا تتأمّلوا فيه واعملوا به» . ۱

1.لوامع صاحبقراني ، ج ۱ ، ص ۹۹ ـ ۱۰۱ . راجع النص الأصلي باللغة الفارسية في نهاية الكتاب ، الملحق رقم ۳ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
152

تقسيم الخبر إلى متواتر وآحاد ومحفوف بالقرينة

يقول الشارح : « الخبر على ثلاثة أقسام :
الأوّل : الخبر المتواتر وهو الخبر الّذي رواه ثلاثة أشخاص على الأقل ، ويحصل العلم من روايتهم . إذاً أحياناً لا يتحقّق العلم من رواية ألف شخص مثل شهادة القرويين بشأن أسيادهم فيما يخصّ الماء والأرض ، وقد يتحقّق العلم أحياناً من شهادة رجل متديّن يخبر أنّه رأى الشخص الفلاني ، والمدار هنا على العلم لا على العدد .
وهذا الخبر مُتّبع بالإجماع ، ولا خلاف في وجوب العمل به ، إلاّ إذا تواتر بأنّهم (أهل البيت) قالوا بخلافه أيضاً فأحدها يكون تقية ، وفي هذه الحالة يُجمع بينهما بأحد صور الجمع الّتي سلف ذكرها . كما يكون في القرآن أيضاً شيئان متعارضان ويكون أحدهما ناسخ ، والآخر منسوخ . وغير ذلك من الأمثلة الّتي سيأتي ذكرها لاحقاً .
الثاني : الخبر المحفوف بقرينة من خارج الخبر تفيد العلم . كأن يبيح شخص لشخص آخر بسرٍ ، من غير أن يطّلع عليه أحد آخر ، ثُمَّ يأتي من قِبَله رجل ثقة ويأتيه بكتاب مختوم ، وما إن يفتح الكتاب حتّى يجد فيه كلّ ما أباح به إليه ، إضافة إلى معرفته بخط وختم ذلك الشخص . وهناك الكثير من الاُمور الّتي يحصل فيها العلم بوجود قرائن شبيهة بما جاء في هذا الخبر .
ومن هذا القبيل وهي أنّه متى ما جاء شخص من قبل ملك ليحكم ولاية وبيده كتاب مع خلعة من الملك ، حينذاك لا يشكّ أحدٌ في أنّ هذا الشخص قادم من قِبَل الملك .
ومن هذا القبيل أيضاً ما مَرَّ في الأحاديث السابقة وهي أنّكم متى ما علمتم بأنَّ الكتاب من الشَّيخ ، يتسنّى لكم العمل به . ومن هذا القبيل أيضاً الكتب الّتي تظهر في هذه الأيّام من كتب قدماء الشيعة مثل كُتُب ابن بابويه القُمّي ، إذا كان أحد على معرفة بكلامه وكتبه ، سيّما متى ما جاؤوا بكتاب مندرس من قم وكان تاريخ كتابته في عهده أو قريباً من عهده مثل كتاب الأمالي لفلان ، بخطوط جماعة من العُلَماء ، ومثل

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5523
صفحه از 296
پرینت  ارسال به