129
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

كتب الأجلاّء متواترة

يقول الشارح في كتاب الصلاة باب «الجماعة وفضلها» ـ بعد نقل الصَدوق خبر الفضيل بن يسار عن أبي عبداللّه عليه السلام ـ : «والظاهر أنّ كتابه كان متواتراً وإن لم نقل بتواتر الكلّ ، لأنّ الظاهر نهاية الاعتناء بكتب هؤلاء الأجلاء ، فلا يضرّ جهالة الطريق» . ۱

تكرار الخبر في الاُصول والكتب كافٍ في الصحَّة

ذكرنا في مقدّمة هذا الفصل أنّ تكرار الخبر في المصادر الأولية من القرائن الّتي توجب صحَّة الخبر عند القُدَماء ولعلّه من أهمّها ، لكن هل يلزم مع ذلك تعدد الراوي كما يقول به الشَّيخ أو يكفي مجرد التكرار ولو كان الراوي واحداً ، كما استظهر الشارح؟ فانظر نصّ الشَّيخ ومخالفة الشارح له في العبارة التالية من كتاب الطهارة ـ بعد نقل رواية من الكافي في جواز الغسل والوضوء بماء الورد ـ : «روى الكليني عن علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد [ عن محمّد بن عيسى ] ، عن يونس ، عن أبي الحسن قال : قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة؟ قال : «لابأس بذلك» . ۲
قال الشَّيخ رحمه الله : «هذا الخبر شاذ شديد الشذوذ وإن تكرر في الكتب والاُصول ، فإنّما أصله عن يونس عن أبي الحسن عليه السلام ، وقد اجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره . . .» ۳ أمّا قول الشَّيخ : «شاذ مع التكرر في الاُصول» ، فالمراد به الشذوذ من حيث العمل ، إذ التكرر في الاُصول إنّما ينفع إذا كان الراوي متعدداً . والظاهر أنّه لا يجب ، فإنّ التكرر في الاُصول كافٍ في الصحَّة» . ۴

1.روضة المتّقين ، ج ۲ ، ص ۵۳۷ .

2.الكافي ، ج ۳ ، ص ۷۳ ، ح ۱۲.

3.الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۱۴ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۲۱۹ .

4.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۴۲ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
128

يفهم من مقبولة عمر بن حنظلة الّتي عليها مدار العُلَماء في الفتوى والحكم .
وإن قلنا : إنّ خبر الواحد بنفسه ليس بحجّة ما لم ينضم إليه قرينة أخرجته من باب الظن إلى باب العلم كما هو طريقة القُدَماء ، ومال إليها صاحب المعتبر ، وشيخنا التستري رحمه الله فهذا الخبر أيضاً كسائر الأخبار الصحيحة يحتاج إلى ضمّ القرينة ، والظاهر أنّ مرادهم من العلم الظن المتاخم للعلم ، كما يفهم من عبارات الشَّيخ وصاحب المعتبر لا اليقين ، فإنّ الشَّيخ رحمه اللهذكر في ديباجة الاستبصار في ذكر القرائن أنّ الخبر إذا كان مطابقاً لأدلة العقل ومقتضاه أو يكون مطابقاً لظاهر القرآن أو عمومه أو دليل خطابه أو فحواه ، أو يكون موافقاً للسنّة المقطوع بها أمّا صريحاً أو دليلاً أو فحوى أو عموماً ، أو يكون مطابقاً لما أجمع المسلمون عليه ، أو كما أجمعت الفرقة المحقّة وغير ذلك من الأشياء الّتي لا تفيد في نظرنا سوى الظن فيصير ظن الخبر بانضمامه قوياً معلوماً ، إلاّ أن يكون موافقاً لصريح القرآن أو صريح السنّة المتواترة أو الإجماع المعلوم دخول المعصوم فيه ، فحينئذٍ لا يظهر للخبر فائدة ، وكذا من ملاحظة حال المحقّق ومقاله في المعتبر ولولا خوف الإطالة لذكرناها فلاحظ .
فيظهر حينئذٍ أنّ إفراط بعض المعاصرين في حصول العلم بهذه الأخبار حتّى في حصوله بكلّ خبر منسوب إلى الإمام وإن كان من العامة ، وكذا تفريط بعضهم بردّ كلّ الأخبار بناءً على أنّها آحاد ولا تفيد إلاّ الظن مع ورود النهي عن اتباعه خارجان عن الاعتدال ، بل الظاهر جواز العمل بالخبر الصحيح الخالي عن القرينة أيضاً إلاّ مع مخالفة لظاهر القرآن والسنّة المتواترة ، بل العمل لغير الصحيح مع انضمام القرائن أيضاً ، كما حققناه في بعض الكتب وسنحققه إن شاء اللّه في كتاب كبير» . ۱

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۰ ـ ۲۱ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5501
صفحه از 296
پرینت  ارسال به