113
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

وابن الغضائري في ضعفه والروايات المادحة عن الكشي ـ : «فانظر أيها المنصف أنّه أيّ أشياء نسب إليه وهو في أيّ مرتبة ، والّذي حصل لي من التتبع التام وعسى أن يحصل لك ما حصل لي أنّ جماعة من أصحاب الرجال رأوا أنّ الغُلاة ـ لعنهم اللّه ـ نسبوا إلى جماعة أشياءً ترويجاً لمذاهبهم الفاسدة كجابر ، والمفضل بن عمر ، والمعَلى وأمثالهم ، وهم بريئون ممّا نسبوا إليهم أن يضعفوا هؤلاء كسراً لمذاهبهم الباطلة حتّى لا يمكنهم إلزامنا بأخبارهم . وهكذا دأب العامة معنا في نقل الأخبار عن جماعة منهم كأبي الطفيل ، وأبي نعيم ، وجابر بن عبداللّه ، وعبداللّه بن العباس وغيرهم ممّا لا يحصى وضعّفوهم ، بأنّهم روافض حتّى لا يمكننا إلزامهم بأخبارهم ، وتبعهم بعض أصحابنا في الغُلاة .
فتدبّر حتّى يحصل لك العلم كما حصل لي ولا تجتر بجرح الفحول من أصحاب الأئمّة المعصومين عليهم السلام . وقرينة الوضع عليهم دون غيرهم أنّهم كانوا من أصحاب الأسرار وكانوا ينقلون معجزاتهم عليهم السلام فكانوا يضعون عليهم والجاهل بالأحوال لا يستنكر ذلك ، كما تقدّم أنّ المعَلى كان يقول : « إنّ الأئمّة عليهم السلام محدثون بمنزلة الأنبياء ، بل قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : عُلَماء اُمتي كأنبياء بني إسرائيل . ۱ فتوهموا أنّه يقول : إنّهم أنبياء » . ۲
ب ـ يقول الشارح في ترجمة محمّد بن الفضيل بن كثير الأزدي ـ بعد نقل ما ذكره الشَّيخ في ترجمة الرجل من أنّه يرمى بالغلوّ ۳ ـ : «إنّ الشَّيخ لم يحكم بغلوّه وإنّما قال : «يرمى بالغلوّ» . والظاهر أنّه لما يرويه ما لا يفهمون من الأخبار المشتملة على المعاني الدقيقة في فضائل أهل البيت عليهم السلام ، كما رواه الكليني وابن بابويه في كتبهما .
والّذي يخطر ببالي أنّ الباعث للمشايخ أو بعضهم على جرح أمثال هؤلاء أنّ الغُلاة

1.اُنظر : رجال الكشّي ، ص ۲۴۷ .

2.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۲۷۸ ـ ۲۷۹ .

3.رجال الطوسي ، ص ۳۶۵ ، الرقم ۵۴۲۳ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
112

ج ـ يقول الشارح في شرح المشيخة عند ترجمة محمّد بن سنان : «وثّقه المُفيد ۱ وضعّفه الباقون ونسبوه إلى الغلوّ ۲ ، وروى الكشّي أخباره في الغلوّ ، ولا نجد فيها غلوّاً ، بل الّذي يظهر منها أنّه كان من أصحاب الأسرار فلننقل ما رووه فيه لتعلم أنّ أكثر ما يرمون الأجلاء أمثال هذه .. . فانظر أيها الأخ في اللّه بعين الإنصاف في هذه الأخبار ، فإنّها ليست إلاّ معجزاته عليه السلام ولاشكّ في أنّ الأئمّة عليهم السلاممن حين الولادة يتكلمون .. . ولكن لما ذكر بعض من لا فهم له ضعّفه بهذه الأشياء» . ۳

تضعيف بعض أصحاب الأسرار كسراً لمذهب الغُلاة

قد علمت ممّا مرّ في العنوانين السابقين أنّ الشارح يعتقد أنّ جرح بعض الرواة من ناحية عُلَماء الرجال سيّما ابن الغضائري كان لنقلهم المعجزات وخوارق العادات عن الأئمّة عليهم السلامفهم لعدم فهمهم هذه المعاني أنكروا وقوعها عن الأئمّة عليهم السلام وجعلوها غلوّاً في منزلتهم ، واتهموا الّذين ينقلون هذه الاُمور بالوضع نصرة لمذهبهم الباطل .
لكن قد تقدّم فيما قاله الشارح في ابن الغضائري أنّ له نظراً آخر أيضاً ، وهو وقوع تلكم التضعيفات عن مصلحة ، وهي دفع تمسك الغُلاة بأخبار عدّة من خواص الأئمّة عليهم السلام للاحتجاج علينا ، فعُلَماء الرجال معترفون بجلالة الّذين أقدموا على جرحهم وصحَّة أحاديثهم ، لكن اضطروا إلى تضعيفهم لئلاّ يتخذ الغُلاة أحاديثهم نصرة لمذهبهم وحجّة علينا .
وإليك التفصيل من النصوص الّتي ننقلها عن الشارح :
أ ـ يقول الشارح في نهاية ترجمة المعَلى بن خنيس ـ بعد نقل عبارات النجاشي

1.اُنظر : الإرشاد ، ج ۲ ، ص ۲۴۷ ـ ۲۴۸ .

2.اُنظر : رجال النجاشي ، ص ۳۲۸ ، الرقم ۸۸۸ ؛ الفهرست ، ص ۱۴۳ ، الرقم ۶۰۹ .

3.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۲۹ ـ ۳۴ . للتفصيل اُنظر : المصدر نفسه ، ص ۷۷ ، وج ۷ ، ص ۱۶۲ ـ ۱۶۳ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5375
صفحه از 296
پرینت  ارسال به