107
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

الأئمّة عليهم السلام للاحتجاج علينا . صرّح وأوضح كلّ ذلك في مواضع :
منها : ما قاله في ترجمة الرجل ، حيث قال : «أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه بن إبراهيم الغضائري ، الظاهر أنّه الّذي كتب جزءاً في ذكر الضُعَفاء ، ولم يذكر أصحابنا فيه مدحاً ولا ذمّاً .
ولكن لما كان العلاّمة رحمه الله يدخل عليه الشكّ من جرحه ، يتوهم أنّه يعتقد أنّه ثقة وليس كذلك ، لأنّ هذا المعنى من لوازم البشرية أنّه يدخل على النفس بعض الشكّ من قول الفاسق أيضاً .
وظهر من كثير من الموارد أنّه لم يكن له قوة التمييز مع وجود معنى ، وهو أنّ الغُلاة وأمثالهم من المبتدئة كانوا يستمسكون بأخبار من جماعة يتوهم من كلامهم الغلوّ كنقل المعجزات من الأئمّة عليهم السلام ويفترون عليهم الأباطيل ، ولهذا المعنى يقدح أمثال هؤلاء المميزين فيهم بأنّهم من أصحابنا ـ كما مرّ في أبي هاشم الجعفري ، وفي محمّد بن أبي عبداللّه الأسدي مع أنّهما من أركان الدين وروي الأخبار الكثيرة في علوّ شأنهما ، وكذا في غيرهما ـ لئلاّ يتمسك بأخبارهم المبتدئة .
ولهذا يقدّم العلاّمة توثيق الشَّيخ والنجاشي على جرحه ، مع أنّه ذكر العلاّمة وغيره في الكتب الاُصولية أنّ الجرح مقدم على التعديل . ويعترض عليه من لا معرفة له بأنّه مخالف لقوله وقولهم ، وفي الحقيقة هذا قدح في جميع أصحابنا لعملهم بأخبارهم ، فتدبّر ولا تكن من المقلدين الجاهلين» . ۱
ومنها : ما ذكره في ترجمة إبراهيم بن عمر بعد نقل كلام العلاّمة ، فقال : «(إنّه) شيخ من أصحابنا ثقة ، من أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام ذكر ذلك أبو العباس وغيره (النجاشي) ۲ . له اُصول رواها عنه حماد بن عيسى (رجال الشَّيخ) ۳ . يكنّى أبا إسحاق ،

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۳۰ ـ ۳۳۱ .

2.رجال النجاشي ، ص ۲۰ ، الرقم ۲۰ .

3.رجال الطوسي ، ص ۱۲۳ ، الرقم ۱۲۳۵ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
106

كثيراً ؛ لأنّه كان معمّراً ، والطريق إليه عالي الإسناد فإنّه يروي الكليني ، عن حميد بن زياد ، عن القاسم ، عن أصحاب أبي عبداللّه عليه السلام ، والشَّيخ يراعي علوّ الإسناد في الإجازات كثيراً فلا تغفل» . ۱

۳ . ابن الغضائري

هو أبو الحسين أحمد بن الحسين البغدادي ، الشهير بـ«ابن الغضائري» ، لم يعلم سنة وفاته ، ولكنّه تُوفّي في أواسط القرن الخامس .
لا يوجد في كلام القُدَماء توثيق صريح للرجل ، لكن وَصَفَهُ بعض المتأخّرين بمدائح جليلة تزيد على وثاقته وعدّوه من الأعلام . ۲ وقد نسب إليه كتاب في الرجال ، وقيل إنّه لوالده الحسين بن عبيد اللّه ، وذلك الكتاب اختفى خبره حتّى وجده أحمد بن طاووس (ت ۶۷۳هـ) منسوباً إليه (أي إلى ابن الغضائري) . فلم يصل الكتاب إلى المتأخّرين بطرق صحيحة .
وقد ذكر في هذا الكتاب الضُعَفاء من رجال الشيعة على وجه الخصوص حسب اعتقاد مصنّفه ، وجرّح فيه رجالاً لم يسبقه أحد بجرحهم ، بل ضعّف رجالاً وثّقهم أعلام الفنّ مثل النجاشي والشَّيخ ، فحصل بحثاً عظيماً في حال المؤلّف وقيمة كتابه ، ورأي الشارح في الرجل وكتابه هو :
أولاً : أنّ الكتاب من تأليفات ابن الغضائري لا والده الحسين بن عبيد اللّه .
ثانياً : أنّ الرجل مجهول الحال حتّى عند العلاّمة ، ولهذا يقدّم توثيق النجاشي والشَّيخ على جرحه ، وأنّه لم يكن بصيراً بالرجال .
ثالثاً : أنّ تجريحاته وقعت لمصلحة هي دفع تمسك الغُلاة بأخبار عدد من خواص

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۸۳ .

2.اُنظر : سماء المقال ، ج ۱ ، ص ۲۳ وما بعدها .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5526
صفحه از 296
پرینت  ارسال به