87
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

بل الظاهر أنّ الجماعة الّذين ليسوا بمشهورين عندنا كانوا مشهورين عنده وعند سائر القُدَماء .
لكن ذكر بعض الأصحاب أنّ هذه العبارة تدلّ على أنّ الكتب الّتي ينقل عنها كانت من الاُصول الأربعمئة ، وهو خلاف الظاهر ، فإنّ الشَّيخ ذكر كثيراً منهم ليسوا بهذه الجماعة . نعم ، يمكن أن يكون أكثرهم هؤلاء واللّه تعالى يعلم» . ۱
ثمّ إنّ الشارح قال بعد ذلك في موضع آخر : «إنّ الكتب الّتي نقل الصَدوق عنها وهي قريبة من أربعمئة أكثرها من الاُصول الأربعمئة مع أنّها كانت معتمدة عندهم» . ۲

للمشايخ الثلاثة طُرق كثيرة إلى أصحاب الاُصول

لا يخفى على الباحث في هذا الفنّ أنّه اذا ثبت بأنّ للمشايخ الثلاثة طُرق كثيرة إلى أصحاب الاُصول المعتمدة والكتب المعتبرة لحصل العلم باستفاضة هذه المصادر واشتهارها عند المشايخ الثلاثة ، وذلك يعني صحَّة انتسابها إلى مؤلّفيها فحينئذٍ لا يضرّ ضعف بعض تلك الطرق ، ويحصل إضافة إلى ما تقدّم ـ من أنّ المشايخ الثلاثة ينقلون في كتبهم غالباً من هذه المصادر ـ نوع من الاطمئنان بصدور الروايات المنقولة في الكتب الأربعة عن مؤلّفي الاُصول والكتب المعتبرة .
صرّح الشارح بكثرة طرق المشايخ الثلاثة إلى بعض أصحاب الاُصول في مواضع كثيرة : منها : قوله في كتاب الطلاق بعد قول الصَدوق : «وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب .. .» ، حيث قال : «في الصحيح كالشَّيخ والكليني في الحَسِن كالصحيح ، والظاهر أنّه من كتاب الحسن بن محبوب . وللكليني إليه طرق كثيرة ، ولتفنّن الطريق تارة يذكر فيه عن علي ، عن أبيه ، عن الحسن وتارة عن محمّد بن

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۵۰ ـ ۳۵۱ .

2.المصدر السابق ، ج ۱۴ ، ص ۳۹۶ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
86

فلا تغفل عن أمثال هذه القرائن ، وكثرتها تفيد القطع كما حصل لي ـ عن أبي عبداللّه عليه السلام ... » . ۱
ومنها : قوله في مقدّمة الروضة بعد الفراغ من شرح خطبة الفقيه ، حيث قال : « . . . فإنّ الظاهر أنّ الشَّيخين نقلا جميع مافي الكتابين من الاُصول الأربعمئة الّتي كان اعتماد الطائفة المحقّة عليها كما ذكره الصَدوق صريحاً ويفهم من كلام ثقة الإسلام أيضاً» . ۲
وقال بمثله في اللوامع ۳ إلاّ أنّه أضاف إلى الصَّدوقين الشَّيخ الطوسي . ثمّ لا يخفى أنّ ما نقلناه من الشارح هنا من أخذ المشايخ الثلاثة جميع روايات كتبهم من الاُصول الأربعمئة ينافي ما نقلنا عنه في الفصل الأوّل من أنّ عمل الطائفة يقوم على الجوامع الّتي ألّفها الطاطريون وبنو الفضّال ، لموافقتها الاُصول الأربعمئة وجودة تصانيفهم . ويأتي أيضاً في العنوان التالي أنّ مصادر الصَدوق ليست كلّها من الاُصول .

مصادر الصدوق في «الفقيه» ليست كلّها من الاُصول

إنّ مصادر الصَدوق في كتاب الفقيه مشهورة عند القُدَماء ، وإن لم نعرف بعضها ، لكن ليست كلّها من الاُصول الأربعمئة .
يقول الشارح في ذلك المعنى ما لفظه : «والّذي يخطر بالبال دائماً أنّ قول المصنف في أوّل الكتاب (إنّ جميع مافيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع) أنّه كان في باله أوّلاً أنّ يذكر في هذا الكتاب الأخبار المستخرجة منها ، ثمّ آل القول إلى أن ذكر فيه من غير ذلك الأخبار أيضاً ، لأنّه ذكر عن جماعة ليس بمشهور ولا كتبهم ، أو يكون المراد بالجميع الأكثر . لكنهما سوء ظن بالمصنف ، بل بأكثر الأصحاب ، فإنّهم ذكروا مراسيله وذكروا أنّ الصَدوق ضمن صحَّة جميع مافي كتابه .

1.روضة المتّقين ، ج ۳ ، ص ۲۳۹ .

2.المصدر السابق ، ج ۱ ، ص ۲۸ .

3.لوامع صاحبقراني ، ج ۱ ، ص ۱۰۲ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5467
صفحه از 296
پرینت  ارسال به